للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إذَن وحِينَئِذٍ، ومررتُ بكلٍّ قائمًا قالَ اللهُ تَعالى (١): {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} وقال (٢): {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} ".

قَالَ المُشَرِّحُ: التَّنوينُ في "إذًا"، و "كّلٍ" من قولِكَ كانَ ذلك إذًا، ومررتُ بكلِّ قائمًا عِوَضٌ من المضافِ إليه (٣)، ويُحْتَمَل أن يكونَ من هذا البابِ بيتُ السِّقطِ (٤):

لكَ الخيرُ قد أَنفذتُ ما هو مُلبِسي … حَياءً وعندَ اللهِ من قائلٍ عِلْمُ

يريد به (٥) من قائلٍ هذه الكلمةَ، وهذا لأنَّ المضافَ حال (٦) كونِهِ مُنوَّنًا معرِفةً. فلولا أنّ التَّنوين ها هنا عِوَضٌ من المضافِ إليه لكانَ مُنَكَّرًا كما في قبلًا من قوله (٧):

فَساغَ لي الشَّرابُ وكنتُ قبلًا … أكادُ أَغَصُّ بالماءِ الفُرَاتِ

وفي هذه المسألة لَطِيفةٌ وهي: أنَّهم لَمَّا حَذَفوا المُضافَ إليه، وحَقُّ المُضافِ إليه أن يكونَ مَجرورًا مُنَوّنًا طَرَحوا جَرَّه وتَنوينه على المُضافِ إليه، ليكونَ ذلك بمنزلةِ استيفاءِ المُضافِ إليه بعدَ الحَذفِ. ونظيرُ هذه المسألةِ أنَّهم إذا خَفَّفُوا الهمزةَ المتحركِّة الساكنَ ما قَبلها لِحَذفِها أَلقوا حَركَتَها على ما قَبلها، يَقعُ ذلك جَمعًا بين الحَذفِ والاستِيفاء. فإن سألتَ الجرُّ والتّنوينُ في حِينَئذٍ وساعَتَئِذٍ لم لا يجوزُ (٨) أن يَكُونا له بطريقِ الأصالةِ من حَيْثُ أنَّهُ مُضافٌ


(١) سورة الأنبياء: آية: ٧٩.
(٢) سورة الزخرف: آية: ٣٢.
(٣) في (أ).
(٤) شروح سقط الزّند: ٣/ ١١٥٧.
(٥) في (أ).
(٦) في (ب) قابل.
(٧) تقدم ذكره.
(٨) في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>