للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتعَذَّر جَعلُه (١) ها هنا حالًا، لأنَّك (٢) لو قلتَ: كَلَّمتُهُ وأنا أشافِهُهُ جازَ. ولو قلتَ: ضَربتُ عَمرًا وأنا أَضربُهُ لم يَجزُ. وعن الثاني بأنَّ ما ذكرتَ من الدَّليلِ إن دَلَّ على إقامةِ المصدَرِ مقامَ الصفةِ خلافُ الأصلِ ها هنا ما يَدُلُّ على أنَّها لَيست كذلك، لأنَّ إقامتَهُ مقامَ الصفةِ يشتملُ على ضرب تأكيدٍ ومبالغة وذلك المطلوبُ، فوقعَ التَّعارضُ بينهما، فلا بُدَّ من الترجيحِ من وجهٍ آخرَ.

قالَ جارُ اللهِ: "وليس عندَ سيبويه (٣) بِقِياسٍ، وأنكر أتانا رُجلة وسُرعةً، وأَجازه المبردُ (٤) في كلِّ ما دَلَّ عليه الفِعلُ".

قالَ المشرّحُ: الخِلافُ ها (٥) هنا نَظيرُ الخِلافِ في قولهم: كيفَ أنت وقَصعةً من ثَريدٍ؟

قالَ جارُ الله: "فَصلٌ؛ والاسمُ غيرُ الصّفةِ، والمَصدَرِ بمنزلتهما في هذا البابِ، تقولُ: هذا بُسرًا أطيبُ منه رُطَبًا. وجاء البرُّ قفيزين، وصاعَين، وكلمتُه فَاه إلى فيّ، وبايعته يدًا بيَدٍ وبِعتُ الشاةَ شاةً ودِرهمًا، وبيَّنتُ له حِسابَهُ بابًا بابًا".

قال المشرّحُ: جازَ أن يكونَ غيرُ المَصدرِ والصِّفةِ بمنزلتهما في هذا البابِ، لأنَّ الحالَ في الأصلِ خبرُ (٦) كان فكما يجوزُ فيه أن يكونَ صِفَةً


(١) في (ب) ها هنا جعله.
(٢) في (أ) لأنّك.
(٣) الكتاب: ١/ ١٨٦.
(٤) المقتضب: ٣/ ١٣٤، ١٣٦، ٤/ ٥٩٩ وانظر حاشية ٣/ ١٣٤ فقد شرح الشيخ محمد عبد الخالق عظيمة محقق "المقتضب" هذه المسألة هناك. وانظر شرح أبي سعيد السّيرافي: ٢/ ١١١، ١١٢ قال بعد أن أورد كلام سيبويه وكان أبو العباس [المبرّد] يجيز في كل شيء دل عليه الفعل فأجاز أن تقول أتانا سرعة، وأتانا رجلة، ولا تقول: أتانا ضاربًا، ولا أتانا ضاحكًا لأن الضرب والضحك ليس من ضروب الإتيان والسرعة والرجلة من ضروب الإِتيان … ثم قال: وكان الزّجاج يذهب إلى تصحيح مذهب سيبويه وهو الصواب.
(٥) النصّ في شرح الأندلسي: ١/ ٢٥١ عن الخوارزمي.
(٦) في (أ) خبرًا لكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>