للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَصدَرًا وغيرهما فكذلك في الحالِ. بُسرًا: حالٌ وهو لَيس بصِفَةٍ، لأنَّه غيرُ جارٍ، ألا تَرى أنه لا يُقالُ: شيءٌ بُسرٌ، وكذلك رُطبًا حالٌ، وهو ليس بصفة، لأنَّه غيرُ جارٍ، رُطبًا: حالٌ بدليلِ أنَّه لا يُقالُ شيءٌ رُطبٌ، ولا كذلك قفيزٌ. وصاعين حالٌ، وكلٌّ منهما ليس بِصفةٍ، لأنَّه غيرُ جارٍ، وهلمَّ جَرًّا. فاه إلى فِيَّ: أي ضامًّا فاه إلى فِيَّ، فالحالُ في الحقيقةِ ها هنا ضامًّا، ثُمَّ طُرِحَ، وأقيمَ فاه مقامَه، ونظيرُه تُربًا وجَندلًا، ألا ترى أنَّ أصلَه: رميتَ رميًا بتربٍ وجندلٍ، ثُمَّ تربًا وَجندلًا. فهذه حقيقتُه لكنْ يَنبغي أن يُعلم أنَّ الحالَ ها هنا ليست هي يدًا وحدَها، بل هي مع قولِكَ بيدٍ، وكذلك قولُكَ: بِعتُ (١) الشاةَ شاةً ودرهمًا، الحالُ فيه ليست شاةً بانفرادِها، بل هي مع قولِكَ: ودِرهَمًا وكذلك: بَيَّنتُ حسابَه بابًا بابًا، الحالُ هي هذه المذكورة.

قالَ جارُ الله: "فصلٌ؛ وحقُّها أن تكونَ نكرةً وذا الحالِ معرفةً".

قالَ المشرّحُ: إنما يلزمُ تعريفُ ذي الحالِ، لأنّا لو أتينا بالحالِ عن ذي حالٍ منكّرةٍ لكانَ ذلك استغناءً لا يَدفعُ شبهَةً ما وقعت مع الاعراضِ عن شُبهةٍ قد (٢) وقعت، وذلك قبيحٌ. بيانهُ أنا إذا قلنا: رَجلٌ وقعت شُبهةٌ في أنَّ ذلك الرّجلَ من هو؟ أهو زيدٌ أم عمروٌ؟ فإذا ارتَفَعَت هذه الشُّبهةُ فحينئذٍ تقعُ شبهةٌ أُخرى في أنَّ الرجلَ في أيّ حالٍ جاءَ، أفي حالِ كونه ماشِيًا؟، أم في حالِ كونه (٣) راكبًا، فالواجبُ في الطبعِ أن يبدأ في الشُّبهةِ الأولى فإذا ارتَفَعَت فحينئذٍ يُقبِلُ على الشُّبهةِ الثانيةِ يرفعُها، وأمَّا تَنكيرُ الحالِ فلأَنّها في الأصلِ على ما ذكرنا (٤) خبرُ (٥) كان.

قالَ جارُ الله: "وأمّا "أرسلها العِراكَ" ومررتُ به وحدَه، وجاؤُوا قَضُّهم


(١) في (ب) بعتك.
(٢) في (ب).
(٣) النّص في شرح الأندلسي: ١/ ٢٥٤ عن الخوارزمي.
(٤) في (ب) ذكرناه.
(٥) في (ب) تكررت كلمة "في الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>