للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال جارُ الله: " (فصْلٌ) والفعلُ الذي تَدْخُلُ عليه المَفْتُوحَةُ مشدَّدة أو مُخَفَّفَةٌ يجب أن يُشاكلها في التَّحقيق كقوله تعالى (١): {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} وقولُه تعالى (٢): {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} فإن لم يكن كذلك نحو أرجو وأطمع وأخاف فلتدخل على "إنْ" الناصبة للفعل كقوله تعالى (٣): {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي} وكقولك: أرجو أن يحسنَ إليّ، وأخاف أن تسيءَ إليّ، وما فيه وجهان كظننت وحسبت وخلت فهو داخل عليهما جميعًا، تقول: ظننتُ أن تَخرج وأنك تَخرج وأن ستخرج وقرئ قوله (٤): {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} بالرَّفع والنَّصب".

قال المُشَرِّحُ: يعني بالوجهين في قوله: "وما فيه وجهان" الشَكُّ واليَقين لأنَّ هذه الأفعال تُستعمل مرةً للشك (وأُخرى) (٥) لليَقِيْن.

اِعلم أن الأفعالَ على ثلاثةِ أضرُبٍ:

فعل يدل على ثبات الشيء واستقراره.

وفعل يدل على خلاف الثبات والاستقرار.

وفعلٌ كَرَبَ إلى هذا مرةً، وإلى ذاك أخرى، فالأول: نحو العلم اليقين والثَّاني: نحو الخوف والطَّمع، والثَّالثُ: نحو حسبت وزعمت وظننت، فبعد الأول تقع المشدَّدة وبعد الثاني المخففة، وبعد الثالث تقع تلك مرة وهذه أخرى، فأمَّا استعمالهم إياه استعمال العلم فقوله تعالى (٦): {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} وكذلك قوله (٧): {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ


(١) سورة النور: آية ٢٥.
(٢) سورة طه: آية ٨٩.
(٣) سورة الشعراء: آية ٨٢.
(٤) سورة المائدة: آية ٧١، والقراءة في شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٧٧).
(٥) في (ب).
(٦) سورة القيامة: آية ٣.
(٧) سورة الجن: آية ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>