للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرِ المُوجب من الكلام ولذلك جاز في الشَّعر أن تفعلين تشبيهًا للجزاء بالذي.

فإن سألتَ: هذا معارض لما نقلته عن الشيخ -رحمه الله- في قسم الأسماء من أن "لو" بمنزلة "إن" في أن الكلام معه موجب؟.

أجبتُ: إذا وقع تعارض بين معنى نص الشَّيخِ والمُبرد وفَّقنا بينهما فقلنا: ذلك قبل تمام المجازاة عند ذكر الشرط والجزاء، أما بعد تمام المجازاة فلا، وذلك أنها بمجموعها تجعل عبارة عن النفي ومنه قوله تعالى (١): {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ}.

أمَّا قراءةُ نافع فكون الفعلِ دعاءً يعرف أنها ليست بالمصدرية وهذا لأنَّ كونَ الفعل دعاءً ليس من معنى المَصْدَرِ في شيءٍ. وأمَّا قوله تعالى (٢): {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا} فحرف الشَّرطِ هنا قد سدَّ مسدَّ السين وسوف، ومن قال بأن "أن" ها هنا هي المصدرية فقد وَهِمَ، لأن ما نزل في الكتاب سماعهم، ولأن "إذا" يمتنع أن تكون هي المصدرية ومثلها قوله (٣):

هَلْ في القَضِيَّةِ أنْ إِذَا اسْتَغْنَيْتُمُ … وأَمِنْتُمُ فأنَا البَعِيْدُ الأَجْنَبُ

من التَّبيين في الدّلالة على وجوبِ ذلك التقدير، أعني: تقدير إِضمار الشأن والقصة ببيت الأعشى (٤) ها هُنا، ومن أجلِ ذلك جاز تقديم "هالك"


(١) سورة الأنفال: آية ٤٣.
(٢) سورة النساء: آية ١٤٠.
(٣) تقدم ذكره مع أبيات في الجزء الأول مع الشاهد:
* لا أمَّ لي إن كان ذاكَ ولا أبُ *
(٤) ديوان الأعشى (ص ٤٥).
توجيه إعراب البيت وشرحه في: إثبات المحصل (ص ١٧٩)، المُنخل (ص ١٧٧)، شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٧٤)، شرحه للأندلسي (٣/ ٢٠٣). =

<<  <  ج: ص:  >  >>