أجبتُ: بين هذه الصُّورة وتلك الصُّورة فرقٌ، وذلك أن إحدى الكلمتين هناك كالزيادة، وأمَّا ها هُنا فبخلافه، بدليل إنّ كلَّ واحدٍ من الحرفين لا بد له من اسم وخبر، ونظيره قولهم -على مانقله سيبويه-: إن زيدًا لما لينطلقن، ومما يجانس هذه المسألة بعينه بعض الحلو من الأغذية بين الحامضين.
قال جارُ الله:" (فصلٌ) وتخففان فيبطل عملهما، ومن العرب من يعملهما، والمكسورة أكثر إعمالًا، ويقعُ بعدهما الفعل".
قال المُشَرِّحُ: أعلم أن التَّخفيف والكف بـ "ما" في هذا الباب بمنزلة التعليق في أفعال القلوب، وهذا لأن الاسمين أصلهما الابتداء، فبأدنى شيء يعودان إلى أصلهما وإن كانت إنَّ المكسورة أكثرُ إعمالًا لقوتها واستقلالها بفائدتها ولذلك بقيت معها الجُملة على حالها بخلاف المفتوحة و ["إن" مستضعفة] (١) ولذلك انقلب معها الاسم إلى تأويل المفرد.
قال جارُ الله:"والفعل الواقع بعد المكسورة يجب أن يكون من الأَفعال الدَّاخلة على المُبتدأ والخبر، وجوز الكوفيون غيره".
قال المُشَرِّحُ: هذه الحروف حقها أن لا تدخل إلا على اسمين هما مبتدأ وخبر، فإن دخلت على الفعل فلا بد أن تدخل على فعل داخل على المبتدأ والخبر، حتى لا يفوت على هذه الحروف دخولها على المبتدأ والخبر رأسًا.
وأما حُجَّة الكوفيين فعما قليل تساق إليك.
قال جارُ اللهِ: "ويَلْزَمُ المَكْسُوْرَةِ اللَّام في خبرها، والمفتوحة تُعوض عمَّا ذهب منها أحدُ الأحرف الأربعة: حرف النفي وقد وسوف والسين تقول: