قَولِهم: آلله لآتيك فإنَّه خفضٌ، يريد:«ولا» حرف قسم، وذلك أنَّ القسمَ عندهم فيه معنَى الفعلِ؛ أي: أقسِمُ وأحلِفُ بالله، أو والله، فإذا حذَف حرف القسَم عملَ الفعلُ عمَلَه فنصَب مَفعُوله. وفي حديثِ ضمامٍ:«آللهُ أمرك بهذا»[خ¦٣٣٦٤] الرَّفعُ على الابتداءِ.
٢٩١٢ - وفي حديثِ سَعدٍ:«الثَّلثُ والثُّلثُ كثِيرٌ»[خ¦٢٧٤٢] في الأوَّل وجهان؛ الرَّفعُ على الفاعلِ لَيكفيكَ أو يجزئك ونحوُه، أو على الابتداءِ والخبرُ يكفيك ونحوُه، والنَّصبُ على الإغراءِ، أو بإضمارِ فعلٍ؛ أي: أعطِ أو إقسمِ الثُّلثَ، ويجوز فيه الكسرُ على البدَلِ من قوله:«بشَطرِ مالي» أوَّل الحديثِ. وأمَّا الثَّاني: فرفعٌ على الابتداءِ لا غير، وفي بَعضِ رواياتِ الحَديثِ:«قلت: فالنِّصفَ» بالنَّصبِ عطفٌ على ما تقدَّم من قوله: «أقسم مالي» أوَّل الحديث، والرَّفعُ على الابتداء، وعلى رواية:«أتصدق بثُلثِ مالي» يصِحُّ خفضُه «فالنِّصفِ» على العَطفِ.
٢٩١٣ - وقوله:«حتَّى يهُمَّ ربَّ المالِ مَن يقبَل صدَقتَه»[خ¦١٤١٢]«ربَّ» منصُوبٌ بـ: «يهُمَّ» بضمِّ الهاء؛ أي: يغمَّه ذلك، وقد ذكَرنَاه في حرفِ الهاءِ [هـ م م].
٢٩١٤ - وقوله في حديثِ أبي رَيحانَةَ:«عن سفِينةَ-قال أبو بَكرٍ- صاحبِ رسُولِ الله ﷺ» كذا هو بكَسرِ الباء نعتٌ لـ: «سَفِينةَ»، و «أبو بَكرٍ» قائلُ ذلك هو ابنُ أبي شَيبَةَ.
٢٩١٦ - وفي ترجَمةِ البُخاريِّ في (باب كيف كان بَدءُ الوَحيِ إلى رسُولِ الله ﷺ:«وقولُِ الله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [النساء: ١٦٣]»[خ¦١] الآيةَ، في «قول الله» الوَجهَانِ: الكسرُ والضمُّ، فالضمُّ على الإبتداءِ، والكَسرُ عطف على «كيف» وهي في مَوضعِ خفضٍ، كأنَّه قال: بابُ كيفَ كان، وبابِ معنى قولِ الله، أو الحجة بقَولِ الله، أو ذكر قولِ الله، وقد ثبَت فيها:«باب» في رواية غيرِ الأَصِيليِّ، وأنكَر أبو مروان بنُ سراج الكَسرَ في «قولِ الله»، وقال: لا يصِحُّ أن يحمل على الكيفِيَّة لقَولِ الله، ولا يكيَّف كلامُ الله، وما قاله صحِيحٌ مع إسقاطِ «باب» فلا يبقى إلَّا الرَّفع على الابتداءِ، أو العطف على المُبتدَأ الآخر قبلَه، وهو «كيفَ كان بدءُ الوَحيِ»، ومعلُومٌ أنَّ هذه التَّرجمةَ لم يقصد فيها الخبر عن صفَةِ قولِ الله، وإنَّما قصَدَ به الحجَّة لإثباتِ الوَحيِ.