للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال:

والثانِ أولى عند أهل البَصْرَه ... واختار عكسا غيرهم ذا أَسْرَه

عمل كل "واحد"١ منها مسموع، والخلاف في الترجيح.

فقال البصريون: إعمال الثاني أرجح لقربه، وقال الكوفيون: إعمال الأول أرجح "لسبقه"٢, وقال بعض النحويين: يتساويان.

وفصل أبو ذر الخشني٣ فقال: إن كان إعمال الثاني يؤدي إلى الإضمار في الأول فيختار إعمال الأول، وإلا فيختار إعمال الثاني.

والصحيح مذهب البصريين؛ لأن إعمال الثاني هو الأكثر وإعمال الأول قليل, نقل ذلك سيبويه عن العرب٤.

ثم قال:

وأَعْمِلِ المُهْمَل في ضمير ما ... تنازعاه والتزِمْ ما التُزِما

المهمل: هو الذي لم يسلط على الاسم الظاهر, فيعمل في ضميره مطابقا له.

ثم إن كان الثاني أضمر فيه المرفوع وجوبا والمنصوب على المختار، ومن حذفه قول الشاعر:

بعكاظ يُعْشَى الناظرين ... إذا هم لمحوا شعاعه٥

أي: لمحوه.


١ ب.
٢ ب، جـ, وفي أ "لقربه".
٣ هو: مصعب بن محمد بن مسعود الخشني, أبو ذر بن أبي الركب النحوي ابن النحوي، وقال ابن الزبير: كان أحد الأئمة المتقدمين, إماما في العربية, ذا سمت ووقار وفضل ودين ومروءة، واتفق الشيوخ على أنه لم يكن في وقته أضبط منه. ومن تصانيفه: الإملاء على سيرة ابن هشام.
٤ قال سيبويه جـ١ ص٣٩: " ... ولو أعملت الأول لقلت: مررت ومر بي بزيد، وإنما قبح هذا, أنهم قد جعلوا الأقرب أولى إذا لم ينقض معنى". ا. هـ.
٥ البيت: لعاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو من الكامل.
الشرح: "عكاظ" -بضم أوله, بزنة غراب- موضع بمكة كانت تقام فيه سوق مشهورة يجتمع فيها العرب, "يعشى" من الإعشاء وهو ضعف البصر ليلا, والمراد هنا ضعف البصر مطلقا, "شعاعه" -بضم الشين- خيوط الضوء أو بريقه ولمعانه.
المعنى: تريد أن أشعة سلاح قومها مما تضعف أبصار الناظر إليها, تكني بذلك عن كثرة السلاح وقوة بريقه ولمعانه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>