للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ما يدعيه الكوفيون من زيادة واو العطف؛ نحو قول الله -عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} ١ "قالوا: هنا زائدة مخرجة عن العطف, والتقدير عندهم فيها: حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها"٢. وزيادة الواو أمر٣ لا يثبته البصريون, لكنه عندنا على حذف الجواب, أي: حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها كذا وكذا صدقوا وعدهم وطابت نفوسهم, ونحو ذلك مما يقال في مثل هذا.

وأجاز أبو الحسن زيادة الواو في خبر كان؛ نحو قولهم: كان ولا مال له, أي: كان لا مال له. ووجه جوازه عندي شبه خبر كان بالحال، فجرى مجرى٤ قولهم: جاءني ولا ثوب عليه, أي: جاءني عاريًا.

فأما "هل " فقد أخرجت عن بابها إلى معنى قد, نحو قول الله سبحانه: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} ٥ قالوا: معناه: قد أتى عليه ذلك. وقد يمكن عندي أن تكون مبقاة في هذا الموضع على بابها من الاستفهام، فكأنه قال -والله أعلم: هل أتى على الإنسان هذا؟ فلا بُدَّ في جوابه من "نعم" ملفوظًا بها أو مقدرة، أي:٦ فكما أن ذلك كذلك فينبغي للإنسان أن يحتقر نفسه، ولا يبأى٧ بما فتح له. وهذا كقولك لمن تريد الاحتجاج عليه: بالله هل سألتني فأعطيتك! أم هل زرتني فأكرمتك! , أي:٦ فكما أن ذلك كذلك فيجب أن تعرف حقي عليك وإحساني إليك. ويؤكد هذا عندك قوله تعالى: {إِنَّا ٨ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} ٨ أفلا تراه -عز اسمه- كيف عدد عليه أياديه وألطافه له.


١ آية: ٧٣، سورة الزمر.
٢ ثبت ما بين القوسين في ش، ط. وسقط في د، هـ، ز.
٣ سقط في د، هـ، ز.
٤ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "نحوًا من".
٥ آية: ١، سورة الإنسان.
٦ ثبت هذا الحرف في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
٧ يفخر.
٨ آيتا ٢، ٣، سورة الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>