للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما أن الحذف اتساع والاتساع بابه آخر الكلام وأوسطه لا صدره وأوله ألا ترى أن من اتسع بزيادة " كان" حشوًا أو آخرًا لا يجيز زيادتها أولا, وأن من اتسع بزيادة " ما " حشوًا وغير أول لم يستجز زيادتها أولًا إلا في شاذ من القول نحو قوله:

وقد ما هاجني فازددت شوقا ... بكاء حمامتين تجاوبان

فيمن رواه " وقدما " بزيادة " ما " على أنه يريد: وقد هاجني لا فيمن رواه فقال: "وقدمًا هاجني " أي وقديمًا هاجني.

والآخر أنه لو كان تقديره: الناقة وراكب الناقة طليحان لكان قد حذف حرف العطف وبقي المعطوف به وهذا شاذ إنما حكى منه أبو عثمان عن أبي زيد: أكلت لحمًا سمكًا تمرًا، وأنشد أبو الحسن:

كيف أصبحت كيف أمسيت مما ... يزرع الود في فؤاد الكريم٢

وأنشد ابن الأعرابي ٣:

وكيف لا أبكي على علاتي ... صبائحي غبائقي قيلاتي٤


١ لجحدر اللص قصيدة طويلة فيها هذا البيت، لكن بلفظ: "ومما هاجني" في موضع: "وقد ما هاجني" وانظر الأمالي ١/ ٢٨١، والخزانة ٤/ ٤٨٣ ومعجم البلدان "حجر" وشواهد المغني للسيوطي ١٣٩.
٢ حذف فيه حرف العطف والأصل: كيف أصبحت، وكيف أمسيت، أي إبداء التحية يعمل على الود والمحبة. والبيت في ديوان المعاني ٢/ ٢٢٥ عن أبي زيد. وفيه: "يثبت" في مكان "يزرع".
٣ في اللسان في "قيل": "الأزهري: أنشدني أعرابي:
ما لي لا أسقي حبيباتي ... وهن يوم الورد أمهاتي
صبائحي غبائق قيلاتي
أراد بحبيباته إبله التي يشرب ألبانها جعلهن كأمهاته، فهل ترى ما هنا محرقا في اللسان، والظاهر أن هذه رواية أخرى عن ابن الأعرابي.
٤ العلات جمع علة وكأنه يريد هنا ما يتعلل به، وفسرها بالصبائح والغبائق والقيلات. يريد نوقا يحلبها صباحا وبعد المغرب وفي القائلة. فالصبائح جمع صبوح، والغبائق جمع غبوق، والقيلات جمع قيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>