للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الأعلام١ في الحجازية وترك ذلك في التميمية إلى غير ذلك قيل: هذا القدر من٢ الخلاف لقلته ونزارته محتقر غير محتفل به ولا معيج٣ عليه وإنما هو في شيء من الفروع يسير. فأما الأصول وما عليه العامة والجمهور فلا خلاف فيه ولا مذهب للطاعن به. وأيضًا فإن أهل كل واحدة من اللغتين عدد كثير وخلق "من الله "٤ عظيم وكل واحد منهم محافظ على لغته لا يخالف شيئًا منها ولا يوجد عنده تعاد فيها. فهل ذلك إلا لأنهم يحتاطون ويقتاسون ولا يفرطون ولا يخلطون. ومع هذا فليس شيء مما يختلفون فيه -على قلته وخفته- إلا له من القياس وجه يؤخذ به. ولو كانت هذه اللغة حشوًا٥ مكيلا، وحثوًا٦ مهيلا لكثر خلافها وتعادت أوصافها: فجاء عنهم جر الفاعل ورفع المضاف إليه والمفعول به والجزم بحروف النصب والنصب بحروف الجزم بل جاء عنهم الكلام سدى غير محصل وغفلا من الإعراب ولاستغنى بإرساله وإهماله عن إقامة إعرابه والكلف الظاهرة بالمحاماة على طرد أحكامه.

هذا كله وما أكني عنه من مثله -تحاميًا للإطالة به- إن كانت هذه اللغة شيئًا خوطبوا به٧، وأخذوا باستعماله. وإن كانت شيئًا اصطلحوا عليه، وترافدوا٨


١ فإذا قال قائل: رأيت عليا فأهل الحجاز يقولون: من عليا؟ بالحكاية، وبنو تميم يقولون: من علي؟ ولا يحكون. وانظر الكتاب ١/ ٤٠٣، وشرح الرضي على الكافية ٢/ ٦٣.
٢ كذا في ش، ب، ج. وفي أ: "والخلاف".
٣ كذا في الأصول: أي خلق ناشئ من فعل الله وإيجاده، وقد يكون الأصل: "من خلق الله".
٥ الحشو: الرذال والرديء، ووصفه بالمكيل أنه ليس مما يدق ويتنافر فيه فبوزن كالذهب.
٦ أراد به ما يجنى ويثار كالتراب والرمل. وهو هكذا في أ، ب، ش. وفي ج: "حثيا" وهو بمعنى حثوا، فالمادة واوية ويائية. و"مهيلا" أي ينهال وينصب عند سقوطه بلا مقدار ولا ضبط.
٧ يريد بذلك أنها توفيقية.
٨ كذا في أ، ب، وفي ش: "ترادفوا" وفي ج: "توافروا".

<<  <  ج: ص:  >  >>