للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: قد اعتبرنا ما تقوله فوجدنا الأمر فيه بضده. وذلك أنا نسأل علماء العربية مما أصله عجمي وقد تدرب بلغته قبل استعرابه عن حال اللغتين فلا يجمع بينهما بل لا يكاد يقبل السؤال عن ذلك لبعده في نفسه وتقدم لطف العربية في رأيه وحسه. سألت غير مرة أبا علي -رضي الله عنه- عن ذلك فكان جوابه عنه نحوًا مما حكيته.

فإن قلت: ما تنكر أن يكون ذلك لأنه كان عالمًا بالعربية ولم يكن عالمًا باللغة العجمية ولعله لو كان عالمًا بها لأجاب بغير ما أجاب به. قيل: نحن قد قطعنا بيقين وأنت إنما عارضت بشك ولعل هذا ليس قطعًا كقطعنا, ولا يقينًا كيقيننا. وأيضًا فإن العجم العلماء بلغة العرب وإن لم يكونوا علماء بلغة العجم فإن قواهم في العربية تؤيد معرفتهم بالعجمية وتؤنسهم بها وتزيد في تنبيههم على أحوالها لاشتراك العلوم اللغوية واشتباكها وتراميها إلى الغاية الجامعة لمعانيها. ولم نر أحدًا من أشياخنا فيها١ -كأبي حاتم٢، وبندار٣، وأبي علي, وفلان وفلان- يسوون بينهما ولا يقربون بين حاليهما. وكأن هذا موضع ليس للخلاف فيه مجال لوضوحه عند الكافة. وإنما أوردنا منه هذا القدر احتياطًا به واستظهارًا على مورد له عسى أن يورده.

فإن قلت: زعمت أن العرب تجتمع على لغتها فلا تختلف فيها وقد نراها ظاهرة الخلاف ألا ترى إلى الخلاف في "ما " الحجازية، والتميمية وإلى الحكاية في الاستفهام


١ كذا في أ. وفي ش، ب ذكر هذه العبارة بعد "أحدا".
٢ هو سهل بن محمد السجستاني البصري، أستاذ المبرد. مات سنة ٢٥٥هـ وانظر البغية.
٣ هو ابن عبد الحميد الكرخي. وانظر البغية، وفهرست ابن النديم ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>