للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"والثالث: كونه بعضًا من المعطوف عليه، إما بالتحقيق" بأن يكون جزءًا من كل، "نحو: أكلت السمكة حتى رأسها"، أو فردًا من جمع نحو: قدم الحجاج حتى المشاة، أو نوعًا من جنس نحو: أعجبني التمر حتى البرني١. "أو" بعضًا "بالتأويل، كقوله"؛ وهو أبو مروان النحوي في قصة المتلمس حين حرب من عمرو بن هند لما أراد قتله: [من الطويل]

٦٦٨-

ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها

"فيمن نصب نعله، فإن ما قبلها"؛ وهو "ألقى الصحيفة" و"الزاد"؛ "في تأويل" ألقى ما يثقله"، ونعله بعض ما يثقله. قال أبو البقاء، فيكون معطوفًا على "الصحيفة" ويحتمل أن يكون منصوبًا بفعل محذوف يفسره "ألقاها" فـ"ألقاها": على الأول توكيد، وعلى الثاني تفسير. وأما من رفع نعله فعلى الابتداء، وألقاها: خبره، وأما من جرها فعلى أن "حتى" جارة، وألقاها: توكيد.

وكان من قصة المتلمس أنه وطرفة هجيا عمرو بن هند ثم مدحاه بعد ذلك فكتب لكل منهما صحيفة إلى عامله بالحيرة، وأمره فيها بقتلهما، وختمها وأوهمهما أنه كتب لهما بصلة، فلما دخلا الحيرة فتح المتلمس الصحيفة وفهم ما فيها، فألقاها في نهر الحيرة وفر إلى الشام، وأما طرفة فأبى أن يفتحها، ودفعها إلى العامل فقتله٢.

"أو شبيهًا بالبعض" في شدة الاتصال "كقولك٣: أعجبتني الجارية حتى كلامها، ويمتنع" أن يقال: أعجبتني الجارية "حتى ولدها"، لأن ولدها ليس جزءًا منها "ولا شبيهًا به، بخلاف كلامها فإنه لشدة اتصاله بها صار كجزئها.


١ في "ب": "البري". والبرني: ضرب من التمر أحمر مشرب بصفرة كثير اللحاء عذب اللحاء. انظر لسان العرب ١٣/ ٥٠ "برن".
٦٦٨- البيت للمتلمس في ملحق ديوانه ٣٢٧، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٧٠، ولأبي "أو لابن" مروان النحوي في خزانة الأدب ٣/ ٢١، ٢٤، والدرر ٢/ ٤١، والكتاب ١/ ٩٧، والمقاصد النحوية ٤/ ١٣٤، وبلا نسبة في الارتشاف ٢/ ٦٤٧، وأوضح المسالك ٣/ ٣٦٥، وخزانة الأدب ٩/ ٤٧٢، والدرر ٢/ ٤٥٣، وشرح ابن الناظم ص٣٧٤، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤١١، وشرح الأشموني ٢/ ٢٨٩، وشرح التسهيل ٣/ ٣٥٨، وشرح قطر الندى ٣٠٤، وشرح الكافية الشافية ٣/ ١٢١١، وشرح المرادي ٣/ ٢٠١، وشرح المفصل ٨/ ١٩، ومغني اللبيب ١/ ٢٤، وهمع الهوامع ٢/ ٢٤، ١٣٦.
٢ انظر الخبر في الدرر ٢/ ٤١-٤٢، ومجمع الأمثال ١/ ٣٩٩.
٣ في "ب"، "ط": "كقوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>