للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"وضابط ذلك أنه إن١ حسن الاستثناء" المتصل "حسن دخول: حتى"، وإن لم يحسن امتنع، ألا ترى أنه يحسن أن تقول: أعجبتني الجارية إلا كلامها، تنزيلا لكلامها منزلة بعضها، ويمتنع أن يقال: أعجبتني الجارية إلا ولدها، على إرادة الاتصال، لأن اسم الجارية يتناول ولدها، لأن شرط الاستثناء المتصل أن يتناول ما قبل أداته ما بعدها نصًّا، و [هذا] ٢ ليس كذلك، فلا يحسن استثناؤه، فلا يصح عطفه بـ"حتى".

"والرابع: كونه غاية" لما قبلها "في زيادة حسية" مرجعها إلى الحس والمشاهدة "نحو: فلان يهب الأعداد الكثيرة حتى الألوف" فإن الألوف غاية الأعداد في الزيادة الحسية.

"أو" في زيادة "معنوية" مرجعها إلى المعنى "نحو: مات الناس حتى الأنبياء أو الملوك"، فإن الأنبياء والملوك غاية الناس في الزيادة المعنوية، وهي الاتصاف بالنبوة والملك. "أو في نقص" حسي أو معنوي كذلك، فالأول نحو: المؤمن يجزى بالحسنات حتى مثقال الذرة، فإن مثقال الذرة غاية في النقص الحسي.

"و" الثاني "نحو: غلبك الناس حتى الصبيان أو النساء"، فإن الصبيان والنساء في غاية النقص المعنوي، وهو الاتصاف بالصبا والأنوثة. والتحقيق؛ كما قال في المطول؛ أن المعتبر في ترتيب أجزاء ما قبلها ذهنًا من الأضعف إلى الأقوى، أو بالعكس، ولا يعتبر الترتيب الخارجي لجواز أن يكون ملابسة الفعل لما بعدها قبل ملابسة٣ الأجزاء الأخر٤ نحو: مات كل أب لي حتى آدم، وفي أثنائها نحو: مات الناس حتى الأنبياء، وفي زمان واحد نحو: جاءني القوم حتى زيد، إذا جاءوك معًا وزيد أضعفهم. وعلم من كلام الموضح أنه لو لم يكن ما بعد "حتى" من جنس ما قبلها تحقيقًا أو تأويلا أو تشبيهًا، أو كان كذلك ولكنه لم يكن غاية له، أو كان غاية ولم يكن يدل على زيادة أو نقص حسيين أو معنويين، امتنع العطف بـ: حتى؛ فلا يجوز: كلمت العرب حتى العجم، لاختلاف الجنس، ولا: خرج الفرسان حتى بنو فلان، وهم من وسط الفرسان، لفقد الغاية، لأن


١ في "ب": "أن إن".
٢ إضافة من "ب"، "ط".
٣ في "ب": "ملابسته".
٤ سقطت من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>