ويكون إسناده متصلًا غير مقطوع، وذكر المفاضلة بين صحيح البخاري ومسلم، وما انتقد على كل منهما فيما أورده من أحاديث، وقسم ذلك إلى أقسام ستة ذكرها وأفاض فيها.
الفصل الخامس:
في ذكر البخاري ونسبته ومولده، وبدء أمره ونشأته، وطلبه للعلم، وذكر بعض شيوخه ومن أخذ عنه، ورحلته، وسعة حفظه، وثناء الناس عليه، وما ذكر من محنته ومنحته وكرامته، ترجم فيها للإمام البخاري بذكر اسمه واسم أبيه وجده ونسبته، بعد ذكر لقبه وأوصافه، وأفاض في بيان موضوعات هذا الفصل نقلًا عن العلماء، بما لا يدع مجالاً لمستزيد، واستنفدت مقدمة هذا الكتاب نحو ست وأربعين صفحة من القطع الكبير.
وفي مجال دراستنا للكتاب ومقارنته بغيره من كتب الشروح نذكر من الظواهر العامة له ما يأتي:
١- يخلط القسطلاني شرحه بما أورده البخاري من متن الحديث وسنده، بحيث لا يتميز عنه إلا بما وضع حول البخاري إسنادًا ومتنًا من أقواس تفصل بينه وبين ما أورده له من شرح.
وفي هذه الطريقة مشقة على القارئ، فإنه وهو طالب للحديث يهمه أن يحيط بمتنه كاملًا قبل شرحه، ويحيط بما أورده البخاري بشأنه من ترجمة وإسناد، لترتسم في ذهنه الصورة العامة كاملة لذلك، ثم يقبل على الشرح فيجد فيه إيضاحًا لما غمض، وتفسيرًا لما أبهم، وتفصيلًا لما أجمل، وبيانًا للغريب من لفظ الحديث، وتوفيقا بينه وبين غيره إن كان مما يحتمل التضارب، إلى غير ذلك من مقاصد كتب الشروح.
فأما مع مزج الأصل بالشرح على هذه الطريقة، فإن طالب الحديث يتيه بين الأقواس، ولا يستطيع أن يصل إلى ما يبتغيه من متن البخاري إلا بعد عناء شديد، وإنه كذلك لا يدرك الشرح كما ينبغي، فإن أسلوب المؤلف فيه قد بات ضحية لهذا المزج بينه وبين المتن بتقطيع أوصاله بكلمات التفسير التي يوردها الشارح تبعًا لما يقحمه في ثناياه من كلمات المتن، مما يضيع معه تسلسل الربط وإحكامه، ويشتت ذهن القارئ، ويحول بينه وبين ما يرجوه من فائدة في هذا الكتاب.
أضف إلى ذلك ما في هذه الطريقة من مخاطرة، فقد يتآكل بعض الأقواس أو تسقط عند الطبع لسبب ما، فيختلط المتن بالشرح، ويصعب التمييز بينهما على غير حافظ الحديث والمتضلعين من السنة.
ولو أنه رحمه الله اختار فصل كل منهما عن الآخر، وجعل ما أورده البخاري أعلى الصفحة، وما يورده هو بعد ذلك فيها، لكان كتابه أقرب متناولًا، وأيسر مأخذًا، وآمن من اللبس، وأكثر إفادة، وكان في حل من إيراد كل ما أورده البخاري في ثنايا شرحه اعتمادًا