للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير]

للحافظ ابن حجر المتوفى سنة ٨٥٢هـ:

هذا الاسم هو الموجود عنوانًا للكتاب المطبوع، ويبدو أنه محرف من "التلخيص الحبير" الذي أورده صاحب الرسالة المستطرفة اسمًا لهذا الكتاب١، والذي هو الأقرب في استعمال اللغة لأن الحبير في اللغة -كما استخلصنا من دراسة المادة-٢ هو ذو الجمال والهيئة، وكون الحبير وصفًا للكتاب هو الأليق؛ لأن كون الكتاب جميلًا على هيئة حسنة سائغ مقبول، وأما استعماله بالإضافة فإنه يجعل الحبير وصفًا للمؤلف، وهو غير لائق في هذا المقام.

ومؤلف هذا الكتاب هو الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، المتوفى عام اثنين وخمسين وثمانمائة، وقد سبقت ترجمته عند دراسة كتابه بلوغ المرام من بين كتب الأحكام.

وقد ذكر سبب تأليفه لهذا الكتاب فقال:٣ إنه وقف على تخريج أحاديث شرح الوجيز للإمام أبي القاسم الرافعي -شكر الله سعيه- لجماعة من المتأخرين منهم القاضي عز الدين بن جماعة والإمام أبو أمامة بن النقاش، والعلامة سراج الدين عمر بن علي الأنصاري، والمفتي بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد والزوائد، وأوسعها عبارة وأخلصها إشارة كتاب شيخه سراج الدين، إلا أنه أطاله بالتكرار فجاء في سبع مجلدات، ثم رأيته لخصه في مجلدة لطيفة أخل فيها بكثير من مقاصد المطول وتنبيهاته، ثم قال: إنني رأيت تلخيصه في قدر ثلث حجمه مع الالتزام بتحصيل مقاصده، فمن الله بذلك، ثم تتبعت عليه الفوائد الزوائد من تخاريج المذكورين معه، ومن تخريج أحاديث الهداية في فقه الحنفية للإمام جمال الدين الزيلعي؛ لأنه ينبه فيه على ما يحتج به مخالفوه، وأرجو الله إن تم هذا التتبع أن يكون حاويا لحل ما يستدل به الفقهاء في مصنفاتهم في الفروع.

هذا هو ما قدم به الحافظ ابن حجر كتابه "التلخيص الحبير" وهو يدل على أنه ليس كتاب تخريج فقط، وإنما هو كتاب تخريج وترجيح وفوائد يوردها بعنوان فوائد تارة، وبعنوان تنبيهات أخرى.

ومن تصفح الكتاب ونظر فيه وجد أنه ينطبق عليه ما أفادته هذه المقدمة، من أن هذا الكتاب ليس كتاب تخريج بالمعنى الذي نفهمه، مما تعارفه علماء الحديث في معنى التخريج، وكما سنبينه في أوصاف الكتاب ومظاهره من أنه لا يقتصر على مجرد التخريج ببيان مراجع الحديث ودرجته من القبول وعدمه، وكان مقتضى ذلك التجاوز عن مهمة المخرج إلى طريقة الفقيه أن يسمى هذا الكتاب


١ الرسالة ص١٤٢.
٢ تهذيب اللغة للأزهري ج٥ ص٣٢.
٣ تلخيص الحبير ص٩ ج١.

<<  <   >  >>