للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك ما جاء في الحديث الحادي والأربعين بعد الخمسمائة والألف وهو ما روي أنه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إتيان المرأة في الدبر فقال: "في أي الخربتين ... " ١ الحديث، فقد أورد تنبيهًا قال فيه: إن الخربتين تثنيه خربة بضم المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة وأن الخرزتين تثنية خرزة بوزن الأولى لكن بزاي بدل الموحدة، وإن الخصفتين تثنية خصفة بفتحات والخاء معجمة والصاد بعدها فاء، وقال الخطابي: كل ثقب مستدير خربة، والجمع خرب -بضم ثم فتح- وقال الأزهري: أراد بالخربتين المسلكين ... وأطال في ذلك كعادته في عرض المعلومات.

ومنه أيضًا قوله في حديث أورده أثناء تخريجه للحديث الرابع والثمانين بعد الستمائة والألف وهو حديث أبي رافع قال: ولدت فاطمة حسنًا فقالت: يا رسول الله ألا أعق عن ابني بدم؟ قال: "ولا ولكن احلقي شعره وتصدقي بوزنه من الورق على الأوفاض". يعني أهل الصفة، ثم قال: فائدة الأوفاض بالفاء ومعجمة المتفرقون، وأصله من وفضت الإبل إذا تفرقت، وكأن الحافظ يريد بذلك أن تفسيرها بأهل الصفة ليس هو المعنى الأصلي، ولكنه يندرج تحت المعنى الأصلي.

سادسًا: الحافظ ابن حجر لا يتحفظ عن التصريح بتخطئة العلماء، وهو أمر بارز في هذا الكتاب.

فمن ذلك ما ذكره في تنبيه علق به على الحديث السابع والستين٢ فقد نقل عن النووي في شرح المهذب أنه قال في حديث: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ولأخرت العشاء إلى نصف الليل" أنه قال: هو بهذا اللفظ حديث منكر لا يعرف، وخطأ إمام الحرمين في الحكم بصحته وقال: إن إمام الحرمين تبع في ذلك ابن الصلاح، ثم قال الحافظ: وهذا يتعجب فيه من ابن الصلاح أكثر من النووي، فإنهما وإن اشتركا في قلة النقل من مستدرك الحاكم، فإن ابن الصلاح كثير النقل من سنن البيهقي، والحديث فيه أخرجه عن الحاكم، وفيه: "إلى نصف الليل" بالجزم.

وهذا صريح في أن النووي مخطئ في القول بأن هذا الحديث منكر، وفي تخطئة من حكم بصحته.

ومن ذلك ما جاء في الحديث الحادي والعشرين بعد التسعمائة وهو ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي جاءه، وقد واقع: "صم شهرين"، فقال: وهل أتيت إلا من قبل الصوم؟ ٣.


١ التلخيص ج٣ ص١٧٩ ويلاحظ أن المفردات الغريبة التي أوردها وشرحها جاءت في عدة روايات أوردها الحافظ في هذا الحديث.
٢ التلخيص ج١ ص٦٤.
٣ التلخيص ج٢ ص٢٠٧.

<<  <   >  >>