وقال محمد بن إسما عيل: سمعت بعضهم يقول: ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطاً لو ضربتها فيلاً لهرته.
وأخبرنا الراشدي أنه كان يقول عند الضرب: بك أستغيث يا جبار السماء والأرض.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: كنت كثيراً أسمع والدي يقول: رحم الله أبا الهيثم، غفر الله تعالى لأبي الهيثم، عفا الله عن أبي الهيثم. فقلت يا أبت، من أبا الهيثم؟ قال لا تعرفه؟ قلت لا. قال: أبو الهيثم الحداد، اليوم الذى أخرجت فيه للسياط، ومدت يدي للعقابين، إذ أنا بإنسان يجذب ثوبي من ورائي، ويقول لى تعرفني؟ قلت: لا. قال: أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوطاً بالتفاريق، وضربت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا، فاصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدين. قال: فضربت ثمانية عشر سوطاً بدل ما ضرب ثمانية عشر ألفاً. وخرج الخادم فقال: عفا عنه أمير المؤمنين.
قال أبو القاسم البغوي: رأيت أحمد بن حنبل داخلاً إلى جامع المدينة وعليه كساء أخضر، وبيده نعلاه، حاسر الرأس، فرأيت شيخاً آدم طوالاً أبيض اللحية، وكان على دكة المنارة قوم من أصحاب السلطان فنزلوا واستقبلوه وقبلوا رأسه ويده، وقالوا له: أدع على من ظلمك، فقال: ليس بصابر من دعا على ظالم.
وحكى أبو عمر المخزومي قال: كنت بمكة أطوف بالبيت مع سعيد ابن منصور، فإذا صوت من ورائي: ضرب أحمد بن حنبل اليوم. وفي رواية أخرى: قال لي سعيد: أتسمع ما أسمع؟ قلت: نعم، فجاء الخبر أنه ضرب في ذلك اليوم. قال أبو غالب: في العشر الأواخر من رمضان سنة عشرين أو تسع وعشرين ومائتين.