ذلك وأبو طالب يحوطه ويحول بينه وبينهم؟ رأوا أن يواجهوا أبا طالب في هذا الصدد.
[قضية إسلام النجاشي]
اختلف النصارى قديما في طبيعة المسيح على مذاهب شتى وكان هناك مذهب يقوم على اعتباره بشرا مرسلا، وليس إلها ولا ندا لله، ويعتقد أن نجاشي الحبشة على هذا الرأي.
ومما يؤيد هذا الرأي، ما جاء في سيرة ابن هشام:
اجتمعت الحبشة، فقالوا للنجاشي: إنك قد فارقت ديننا، وخرجوا عليه، فأرسل إلى جعفر وأصحابه، فهيئنا لهم سفنا. وقال: اركبوا فيها وكونوا كما أنتم، فإن هزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم، وإن ظفرت فاثبتوا، ثم عمد الى كتاب فكتب فيه: هو يشهد أن لا إله إلا لله، وأن محمدا عبده ورسوله، ويشهد أن عيسى ابن مريم عبده ورسوله، وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم، ثم جعله في قبائه- شيء يوضع فوق الكتف لحماية الجسم من الضرب- عند المنكب الأيمن، وخرج إلى الحبشة، وصفوا له، فقال: يا معشر الحبشة، ألست أحقّ الناس بكم؟ قالوا:
بلى، قال: فكيف رأيتم سيرتي فيكم؟ قالوا: خير سيرة، قال: فما بالكم؟ قالوا:
فارقت ديننا، وزعمت أن عيسى عبد، قال: فما تقولون أنتم في عيسى؟ قالوا:
نقول هو ابن الله، فقال النجاشي ووضع يده على صدره على قبائه: هو يشهد أن عيسى ابن مريم لم يزد على هذا شيئا، وإنما يعني ما كتب، فرضوا وانصرفوا عنه.