إن اطمئنان النبي صلّى الله عليه وسلم وإيمانه بالنصر إنما كان تصديقا منه للوعد الذي وعد الله به رسوله.
أما الاستغراق في التضرع والدعاء، فتلك هي وظيفة العبودية التي خلق من أجلها الإنسان، وعلى الإنسان أن لا يخرج عن طور العبودية مهما بلغ حاله.
٥- الحياة البرزخية للأموات.
في الحوار الذي جرى بين النبي صلّى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب، عندما وقف النبي صلّى الله عليه وسلم على فم القليب ينادي قتلى المشركين، دليل واضح على أن للميت حياة روحية خاصة به، لا ندري حقيقتها وكيفيتها. وأن أرواح الموتى تظل حائمة حول أجسادهم، ومن هنا يتصور معنى عذاب القبر ونعيمه.
وطريق الإيمان بذلك إنما هو التسليم، ولو لم نعرف حقيقتها، ما دام قد ثبت ذلك بدليل صحيح.
٦- مسألة الأسرى.
استشار النبي صلّى الله عليه وسلم أصحابه في أمر الأسرى، فأشار عليه أبو بكر وجماعة أن يأخذ منهم فدية من المال تكون قوة للمسلمين، ويتركهم عسى الله يهديهم.
وأشار عمر وجماعة بقتل الأسرى، لأنهم أئمة الكفر وصناديده، فمال النبي صلّى الله عليه وسلم إلى ما رآه أبو بكر.
غير أن آيات من القرآن نزلت عتابا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذلك وتأييدا للرأي الذي رآه عمر من قتلهم.
وهذه الواقعة دلتنا على أن النبي صلّى الله عليه وسلم من حقه أن يجتهد، وله ذلك، وإلى هذا ذهب جمهور علماء الأصول.
وإذا صح أن يجتهد صح منه بناء على ذلك أن يصيب أو يخطىء في الاجتهاد غير أن الخطأ لا يستمر، بل لا بد أن تنزل آية من القرآن تصحح له اجتهاده، فإذا لم تنزل آية فهو دليل على أن اجتهاده صلّى الله عليه وسلم قد وقع على ما هو الحق في علم الله تعالى.