الحديث الأول
عَن أنَس بن مَالِكٍ رَضي الله عَنْة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتَقَ صَفيةَ وَجَعَل عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.
المعنى الإجمالي:
كانت صفية بنت حُيي، أحد زعماء بنى النضير وكانت زوجة كنانة بن أبي الحقيق فقتل عنها يوم خيبر.
وقد فتح النبي صلى الله عليه وسلم (خيبر) عنوة، فصار النساء والصبيان أرقاء للمسلمين بمجرد السبي.
ووقعت صفية في قسم دِحْيةَ بن خليفة الكلبي، فعوضه عنها غيرها واصطفاها لنفسه، جبراً لخاطرها، ورحمة بها لعزها الذاهب.
ومن كرمه إنه لم يكتف بالتمتع بها أمة ذليلة، بل رفع شأنها، بإنقاذها من ذُل الرقِّ وجعلها إحدى أمهات المؤمنين.
وذلك: أنه أعتقها، وتزوجها، وجعل عتقها صداقها.
ما يؤخذ من الحديث:
١- جواز عتق الرجل أمته، وجعل عتقها صداقاً لها، وتكون زوجته.
٢- أنه لا يشترط لذلك إذنها ولا شهود، ولا ولي، كما لا يشترط التقيد بلفظ الإنكاح، ولا التزويج.
٣- فيه دليل على جواز كون الصداق منفعة دينية أو دنيوية:
٤- وفي مثل هذه القصة في زواج النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على كمال رأفته وشفقته وعمله بما يقول، حيث قال: "ارحموا عزيز قوم ذل".
فهذه أرملة فقدت أباها مع أسرى بني قريظة المقتولين، وزوجها في معركةْ خيبر وهما سيدا قومهما، ووقعت في الأسر والذل. وبقاؤها تحت أحد أتباعه زوجة أو أمة، ذل لها وكسر لِعزها، ولا يرفع شأنها، ويجبر قلبها إلا أن تنقل من سيد إلى سيد، فكان هو أولى بها.
وبهذا تعلم أن هذا التعدد الذي وقع له صلى الله عليه وسلم في الزوجات، ليس إرضاء لرغبة جنسية، كما يقول أعداء هذا الدين والكائدون له، وإلا لقصد إلى الأبكار الصغار، ولم يكن زواجه من ثيبات انقطعن لفقد أزواجهن.
ولو استعرضنا قصة زواجه بهن، واحدة واحدة، لوجدنها لا تخرج عن هذه المقاصد الرحيمة النبيلة، فحاشاه وما أبعده عما يقول المعتدون الظالمون!! وقد صنف في هذا الموضوع عدد من الكتاب المحدثين مثل عباس محمود العقاد وبنت الشاطئ.