للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَكُلُّ شَيْءٍ سِوَى التَّقْوَى بِهِ سَمْجٌ … وَمَا أَقَامَ عَلَيْهِ مِنْهُ أَسْمَجُهُ

تَرَى الَّذِي اتَّخَذَ الدُّنْيَا لَهُ وَطَنًا … لَمْ يَدْرِ أَنَّ الْمَنَايَا سَوْفَ تُزْعِجُهُ" (١).

وقال غيره:

يا أيها الرجل الناسي منيَّتَه … لا تأمننَّ فإن الموت مكتوبُ

على الخلائق إن سرّوا وإن كرهوا … فالموت حتمٌ لذي الآمال منصوبُ

لا تبنينَّ دياراً لستَ ساكنَها … وراجع النُّسْك كيما يغفر الحُوبُ" (٢).

دائم الحضور:

إن المستعد للموت لا يغفل عن تذكره، بل يبقى الموت في باله حاضراً، يقوده إلى الخيرات، ويكفه عن التقصير والسيئات، ويصرفه عن الانشغال بالدنيا إلى الانشغال بالآخرة، ويفسح بالأمل باله إن كان في ضيق، ويكبح جماح نفسه عن الاسترسال في مراتع اللذات والشهوات الدنيوية الفانية التي تلهيه عن الآخرة.

عن معاذ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أوصني، قال: (اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله عند كل حجر وعند كل شجر، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية) (٣).

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) أحسبه قال: (فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسّعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه) (٤)


(١) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ١٤٨).
(٢) بستان الواعظين ورياض السامعين، لابن الجوزي (ص: ١٩٤).
(٣) رواه الطبراني، المعجم الكبير (٢٠/ ١٧٥)، وهو حسن.
(٤) رواه البزار (٢/ ٣٢٧)، وهو حسن.

<<  <   >  >>