إن الصلوات الخمس ليست عبادة أسبوعية كصلاة الجمعة، ولا عبادة سنوية كصيام رمضان، ولا عبادة عمرية-على سبيل الفرض- كحج بيت الله الحرام، بل هي عبادة واجبة ملازمة للمسلم في ليله ونهاره مادام حيًا مكلفًا. ولكن الناظر إلى حال الصلاة بين المسلمين سيجدهم معها على أنحاء متفرقة، فهم بين: تارك لها على الدوام، لأسباب متعددة، ومنهم من هو ساهٍ عنها مقصر فيها إما في أداء بعض الفروض دون بعض، وإما في تأخير لها عن أوقاتها، وإما بفعلها في غير المساجد، وإما بعدم إتقانها، وإما بقلة الاستفادة من آثارها في الحياة العملية، وقليل منهم من كانت الصلاة له حياة.
وإنها لمفارقة عجيبة حينما ينظر الإنسان إلى بعض الناس في تعاملهم مع مصالح الدنيا؛ إذ يشاهد منهم الحرص والجد والإتقان والغرام بها، وفي جانب الصلاة يتعامل بالكسل والكره والتطفيف! فويل للمطففين. وويل للذين هم عن صلاتهم ساهون.
إن هذه الأحوال المؤسفة لتنبئ عن صغر شأن الصلاة في قلوب أولئك المضيعين والمقصرين.
وقد ذم الله تعالى المضيعين لها والمتكاسلين عنها، فقال:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[مريم: ٥٩]. وقال:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}[النساء: ١٤٢].
فلماذا تركها التاركون المقرون بوجوبها؟
فهل تركوها بانشغال بالبيع والشراء، أو بالنوم والكسل، أو بالانشغال بالكلام في المجالس والأعمال الدنيوية، أو العكوف أمام القنوات أو الشبكة العنكبوتية أو الجوال؟ فأين عظمة الله في القلوب يوم ينشغل الإنسان عن واجب من أعظم واجبات الإسلام؟