للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبعاً إذا فاتتهم الجماعة! " (١).

الطريق إلى حياة الصلاة:

إن وصول الإنسان إلى حقيقة الصلاة وشعوره بالحياة فيها يأتي من طرق، منها:

أولاً: معرفة عظمة الموقف وهيبته بين يدي الله تعالى، قال ابن القيم: " … فهذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب المقبل على الله تعالى في صلاته، الذي قد أشعر قلبَه عظمةَ من هو واقف بين يديه، فامتلأ قلبه من هيبته وذلت عنقه له، واستحي من ربه تعالى أن يقبل على غيره، أو يلتفت عنه، وبين صلاتيهما كما قال حسان عطية: (إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة وأن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض)؛ وذلك أن أحدهما مقبل على الله عز وجل والآخر ساهٍ غافل. فإذا أقبل العبد على مخلوق مثله وبينه حجاب لم يكن إقبالاً ولا تقريبًا فما الظن بالخالق عز وجل؟ وإذا أقبل على الخالق عز وجل وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس والنفس مشغوفة بها ملأى منها فكيف يكون ذلك إقبالاً وقد ألهته الوساوس والأفكار وذهبت به كل مذهب؟ والعبد إذا قام في الصلاة غار الشيطان منه؛ فإنه قد قام في أعظم مقام وأقربه، وأغيظه للشيطان وأشده عليه، فهو يحرص ويجتهد أن لا يقيمه فيه، بل لا يزال به يعده ويمنيه وينسيه ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يهون عليه شأن الصلاة فيتهاون بها فيتركها. فإن عجز عن ذلك منه وعصاه العبد وقام في ذلك المقام أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه، ويحول بينه وبين قلبه، فيذكره في الصلاة ما لم يذكر قبل دخوله فيها، حتى ربما كان قد نسي حاجة وأيس منها فيذكره إياها في الصلاة؛ ليشغل قلبه بها ويأخذه عن الله عز وجل فيقوم فيها بلا قلب، فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل الحاضر بقلبه في صلاته فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها بخطاياه وذنوبه وأثقاله لم


(١) المرجع السابق (١/ ١٤٩).

<<  <   >  >>