للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الوارث هل يستبيح وطء الجارية الموصى بخدمتها؛ تعويلاً على الملك؟ وهذا بعيد.

فإن صح النقل فيهما، فالوجه تنزيلهما على وطء الراهن الجاريةَ المرهونة إذا كانت صغيرة، لا يتوقع علوقها، وقد قدمنا في الرهن أن الوطء مع إمكان الإعلاق محرم، وإذا كان الإعلاق مأموناً، ففي تحريم الوطء وجهان (١): فينبغي أن يخرّج وطء الوارث الجارية على هذا القياس.

فإذا فرعنا على الظاهر، وهو أن الوطء محرّم، فلا شك أن الوارث إذا وطىء لم يستوجب الحد، لمكان ملكه في الرقبة، وهل يلتزم المهرَ؟ هذا يخرّج على ما قدمنا من أن مهر مثل الجاربة إذا وطئت بشبهة هل ينصرف إلى الموصى له؟ فإن صرفناه إليه، فعلى الوارث مهرُ المثل، وإن لم نجعل المهر [مصروفاً] (٢) إليه، فهو للوارث.

فعلى هذا إذا وطىء الوارث، لم يستوجب بالوطء مهراً.

وأما الموصى له، فلا خلاف في تحريم وطء الجارية عليه، فإن وطئها، وقلنا: منفعة البضع مصروفةٌ إليه استحقاقاً، وإن امتنع عليه استيفاؤها، فلا حد عليه إذا وطىء، فإن قلنا: منفعة البضع لا تصرف إليه، فيلتزم بالوطء على الشبهة المهرَ للوارث، وإن لم يكن شبهة، فقد قطع العراقيون بانتفاء الحد.

ولا يمتنع عندي أن يجب عليه الحد كما يجب على [المرتهن] (٣) إذا وطىء الجارية المرهونة.

والعراقيون بنَوْا ما قالوه على مصيرهم إلى أن المهر للموصى له، فقد ذكرنا أن القياس الظاهر عندنا أن منفعة البضع لا تُصرف إلى الموصى له، ولست أدري ماذا يقول العراقيون فيه إذا أوصى بمنفعة بُضع جاريةٍ لإنسان دون منفعة بدنها؟ فإن قضَوْا


(١) يحرم الوطء إن كانت ممن تحبل، وإذا أمن العلوق، فوجهان، أظهرهما التحريم. (ر. العزيز: ٧/ ١١٤، والروضة: ٦/ ١٩٠).
(٢) كذا قدرناها على ضوء السياق، وصورة أحرفها المصحفة المحرفة (انظر صورتها).
(٣) في الأصل: الموصي.