للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا في نهاية البعد؛ فإن الولد يعد في وضع الشرع جزءاً من الأم لا يملكه إلا من ملك الأمَّ، إلا أن تفرض الوصية ناصّةً على الأولاد، فيخرّج القول حينئذٍ على الاختلاف في الوصية بالأولاد في الاستقبال، والوصية بالثمار.

وذكر بعض أصحابنا الولدَ على وجهٍ آخر، فقالوا: الولد المملوك ملكُ الوارث، ولكن هل يصير الموصى له بالمنفعة مستحِقاً لمنفعة الولد، كما أنه مستحق لمنفعة الأم؟ فعلى وجهين: وهذا [أبعد] (١) من الخلاف المحكي في صرف ملك الولد إلى الموصى له بالمنفعة؛ فإن ذلك على بعده محمول على التشبيه بالعبد، والخلاف في منفعة الولد مع تسليم الملك فيه للوارث، لا اتجاه له على مذهب الشافعي رضي الله عنه؛ فإنه لا يُتبع الولدَ الأمَّ في هذه الأشياء، ولذلك لم يحكم بتعدِّي الرهن من الأم إلى الولد، وقد سبق استقصاء القول فيما نُتبع الولدَ فيه الأصلَ، وفيما لا نتبع، وفيما يُختلف فيه.

٧٣٩٣ - ومما يتعلق بتمام القول في هذا الفصل الكلامُ في وطء الجارية الموصى بمنفعتها، فالذي ذكره الأئمة المعتبرون في نقل المذهب أن وطأها محرم على الوارث؛ من جهة أن الوطء يسبب العلوقَ، والعلوقُ يُفضي إلى [الطَّلْق] (٢)، وهو من أسباب الهلاك، والحملُ ناجزاً يؤثِّر في تنقيص المنفعة.

ولم يختلف علماؤنا في تحريم وطئها على الموصى له، ومَنْ ذهب إلى أن عُقرها إذا وُطئت بشبهة مصروف إلى الموصى له، لم يخالف في تحريم وطئها عليه. وهذا أصدق آيةٍ على فساد صرف استحقاق منفعة البضع إلى الموصى له.

وحكى الصيدلاني في مجموعٍ له في الخلاف وجهين عن الشيخ الإمام سهل (٣) في


(١) في الأصل: البعد.
(٢) في الأصل: المطلق.
(٣) الإمام سهل: هو سهل بن محمد بن سليمان، أبو الطيب الصعلوكي، الفقيه الأديب مفتي نيسابور وابن مفتيها، النجيب ابن النجيب (ابن الأستاذ أبي سهل) جمع بين العلم والعمل، تخرج به جماعة من الفقهاء بنيسابور، وسائر مدن خراسان ت ٤٠٤ هـ (طبقات الشافعية لابن السبكي: ٤/ ٣٩٣ وما بعدها).