بن عازب، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرمنا بالحج فلما قدمنا مكة قال: (اجعلوا حجكم عمرة فقال الناس يا رسول الله قد أحرمنا بالحج فكيف نجعلها عمرة؟ فقال انظروا ما آمركم به فافعلوه، فرددوا عليه القول فغضب ثم انطلق حتى دخل على عائشة وهو غضبان فرأت الغضب في وجه فقالت: من أغضبك أغضبه الله، فقال: وما لي لا أغضب وأنا آمر أمراً فلا يتبع) .
قال ابن القيم رحمه الله ونحن نشهد الله علينا أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضاً علينا فسخه إلى عمرة تفادياً من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعاً لأمره، فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده ولا صح حرف واحد يعارضه ولا خص به أصحاب دون من بعدهم، بل أجرى الله سبحانه على لسان سراقة أن يسأله: هل ذلك مختص بهم؟
فأجاب بأن ذلك كائن لأبد الأبد، فما ندري ما نقدم على هذه الأحاديث، وهذا الأمر المؤكد الذي أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من خالفه، وتمامه في زاد المعاد. وفي الانتصار وعيون المسائل لو ادعى مدع وجوب الفسخ لم يبعد. واختار ابن حزم وجوبه وقال هو قول ابن عباس وعطاء ومجاهد وإسحاق. وفي مسلم عن ابن عباس: أن من طاف حل وقال سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم. فإن قيل هل يصح الفسخ وإن لم ينو فعل الحج من عامه؟ قيل منعه ابن عقيل وغيره نقل ابن منصور لا بد أن يهل بالحج من عامه ليستفيد فضيلة التمتع ولأن الحج على الفور فلا يؤخر لو لم يحرم به فكيف وقد أحرم به، واختلف كلام القاضي أبو يعلى وقدم الصحة لأنه بالفسخ حصل على صفة يصح منه التمتع، ولأن العمرة لا تصير حجاً والحج يصير عمرة لمن حصر عن عرفة أو فاته الحج، قلت وفيما قاله القاضي نظر لأنه إنما يحصل على صفة يصح منه التمتع إذا حج من عامه الذي فسخ فيه، أما إذا لم يحج عام الفسخ فإن