للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا نتقدم في البيان قبل أن نحيي ذكرى الذين قتلوا منهم في سبيل الله لا لجرم ارتكبوه سوى أن قالوا: «ربنا الله» ثم استقاموا، وما نقموا منهم إلا أن آمنوا بالعزيز الحميد. وفيهم من لم يقتل قتلة يستريح بها، بل قطعت لحومه، وكسرت عظامه، وأوذي في سبيل الله، وهذا ما وقع لهالة «١» ابن أم المؤمنين خديجة من زوجها الأول الذي مزق جسمه تمزيقا، وقطعت أوصاله تقطيعا. وسمية أم عمار التي قتلها أبو جهل بالرّمح. وأما ياسر فقد أوذي بأيدي الكفار إيذاء شديدا إلى أن لحق بربه. وخباب الذي صلبه المشركون.

وزيد «٢» الذي طأطأ رأسه أمام السيف لينال منه كيف يشاء، ويعمل فيه عمله.

وكذلك حرام بن ملحان «٣» ، وأصحابه التسعة والستون الذين قتلوا في ديار الغربة عند بئر معونة بأيدي أعراب من بني عصية، ورعل، وذكوان. وإن مئة رام من بني لحيان جرحوا عاصما «٤» وأصحابه السبعة في يوم الرجيع حتى أثخنتهم الجروح. وقتل أصحاب ابن أبي العوجاء «٥» ، وكان عددهم تسعة وأربعين بأيدي بني سليم في السنة السابعة للهجرة. واستشهد كعب بن عمير الغفاري «٦» وأصحابه بذات أطلاح. فانظروا كم صلب لذات الله من أبناء هذا الدين الأولين، وكم قتل لوجهه الكريم، وكم سفك من دمائهم


(١) هو هالة بن أبي هالة التميمي الأسدي، أمه خديجة بنت خويلد بن أسد، وفي الحديث أنه دخل على النبي صلّى الله عليه وسلم وهو راقد، فاستيقظ النبي صلّى الله عليه وسلم فضمّ هالة إلى صدره، فقال: «هالة! هالة! هالة» [الطبراني في المعجم الصغير (١/ ١٩٥) ] .
(٢) هو زيد بن الدثنة بن معاوية بن عبيد البياضي الخزرجي، من فقهاء الصحابة، شهد بدرا، وأحدا، قتله مشركو قريش وصلبوه بالتنعيم (الواقع على مسافة من مكة) سنة ٥ هـ.
(٣) هو حرام بن ملحان الأنصاري النجاري، خال أنس بن مالك- رضي الله عنه-، شهد بدرا، وأحدا، وقتل يوم بئر معونة.
(٤) هو عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري الأوسي، صحابي من السابقين الأولين من الأنصار، شهد بدرا، وأحدا مع الرسول صلّى الله عليه وسلم، واستشهد يوم الرجيع سنة ٤ هـ.
(٥) انظر الحديث عنه في كتب السيرة النبوية، أحداث سنة (٧ هـ) .
(٦) هو كعب بن عمير الغفاري، من كبار الصحابة، بعثه الرسول صلّى الله عليه وسلم أميرا على سرية، نحو «ذات أطلاح» في البلقاء، فقتل فيها سنة ٨ هـ.

<<  <   >  >>