للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدلول، فكيف وقد قدّمنا أنّ الدليل الذي نفيتموه غير منتفٍ؟

وأمّا قولكم: إنه وطء في محل لا تشتهيه الطباع، بل ركّب الله الطباع على النفرة منه، فهو كوطء الميتة والبهيمة، فجوابه من وجوه: أحدها: أنّه قياس فاسد الاعتبار، مردود بسنّة رسول الله وإجماع الصحابة، كما تقدّم بيانه.

الثاني: أنّ قياس وطء الأمرد الجميل الذي فتنتُه تُربي على كلّ فتنة (١)، على وطء أتانٍ أو امرأة ميتة، من أفسدِ القياس. وهل تغزّل أحد قطّ بأتان أو بقرة أو ميتة، أو سبى ذلك عقلَ عاشق، أو أسَرَ قلبه، أو استولى على فكره ونفسه؟ فليس في القياس أفسد من هذا.

الثالث: أنّ هذا منتقض بوطء الأمّ والبنت والأخت، فإنّ النفرة الطبيعية عنه حاصلة، مع أنّ الحدّ فيه من أغلظ الحدود في أحد القولين، وهو القتل بكل حال محصنا كان أو غير محصن. وهذا إحدى

الروايتين (٢) عن الإِمام أحمد، وهو قول إسحاق بن راهويه وجماعة من أهل الحديث.

وقد روى أبو داود (٣) من حديث البراء بن عازب قال: لقيتُ عمّي


(١) س: "من كل فتنة"، خطأ.
(٢) ف: "وهو … ". س: "أحد الروايتين".
(٣) برقم ٤٤٥٧. وأخرجه النسائي (٣٣٣٢) وابن الجارود (٦٨١) والدارمي (٢٢٨٥) وغيرهم من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه فذكره.
ورواه السدّي وأشعث بن سوار -وقد اختلف عليه- والربيع بن الركين وغيرهم عن عدي عن البراء عن خاله فذكره، بإسقاط (يزيد بن البراء). أخرجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>