للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة" (١).

ولا تظن أنّ (٢) قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)[الانفطار: ١٣ - ١٤]، مختص بيوم المعاد فقط، بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة، وهؤلاء في جحيم في دورهم الثلاثة. وأي لذة ونعيم (٣) في الدنيا أطيب من برّ القلب، وسلامة الصدر، ومعرفة الربّ تعالى ومحبته، والعمل على موافقته؟ وهل العيش في الحقيقة إلا عيش القلب السليم؟

وقد أثنى الله تعالى على خليله بسلامة قلبه فقال: ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (٨٣) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤)[الصافات: ٨٣ - ٨٤]. وقال حاكيًا عنه أنه قال (٤): ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)[الشعراء: ٨٨ - ٨٩].

والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك، والغِلّ، والحقد، والحسد، والشحّ، والكبر، وحبّ الدنيا والرياسة. فسلِمَ من كلّ آفة تُبعده من الله (٥)، وسلِمَ من كلّ شبهة تعارض خبرَه، ومن كلّ شهوة تعارض أمرَه، وسلِمَ من كل إرادة تزاحم مراده، وسلِمَ من كلّ قاطع


= لا تصح. انظر السلسلة الضعيفة (٣/ ٢٩١) والصحيحة (رقم ٢٥٦٢).
(١) أخرجه البخاري في فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل ما بين القبر والمنبر عن عبد الله بن زيد المازني (١١٩٥) وأبي هريرة (١١٩٦) . ومسلم في الحج، باب ما بين القبر والمنبر … (١٣٩٠، ١٣٩١).
(٢) "أنّ" من س وحدها.
(٣) ف: "أي نعيم ولذة".
(٤) "أنه قال" ساقط من ز.
(٥) ف: "تبعد من الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>