للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ﴾: هذا العطفُ تذكيرٌ لهم بما يستحقُونَ بهِ أشدَّ العذابْ إظهاراً لشدةِ الغضبِ، وتوبيخٌ شديدٌ؛ أي: هذه عظيمةٌ مثلُها، ولهم سوابقُ في ذلكَ، ومَن ارتكبَ قتلَ الأنبياءِ لم يُستبعَد منهُ الاجتراءُ على مثل هذا القولِ.

ولا احتمالَ لأنْ يكونَ قتلُ الأنبياء بحقٍّ فقولِه: ﴿بِغَيْرِ حَقٍّ﴾: بيانٌ للواقع زيادةً في التفضيحِ.

﴿وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ تتمةٌ للوعيدِ معَ تهكّمٍ بالغٍ، ننتقم منهم بهذا القولِ، وذُقْ كلمةٌ يقولُها المنتقِمُ للمنتقَمِ منهُ؛ أي: ذوقوا كما أذقتُم المسلمينَ الغُصصَ.

* * *

(١٨٢) - ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾.

﴿ذَلِكَ﴾ إشارةٌ إلى ما مرَّ من عذابِ الحريقِ تهويلاً وتعظيماً.

والذوقُ: إدراكُ الطعمِ، وعلى الاتِّساعِ يُستعمَلُ لإدراك سائرِ المحسوساتِ والحالاتِ، والتهكُّمُ بهِ لأن سببَ العذابِ قولُهم الناشئُ عن البخلِ والتهالكِ على المالِ، وغالبُ الحاجةِ إليهِ لتحصيلِ المطاعم، ومعظَمُ بخلِه للخوفِ من فقدانِه، ولذلكَ كثُرَ ذكرُ الاكلِ مع المالِ.

﴿ذَلِكَ﴾: إشارة إلى العذابِ.

﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ مِن قتلكم الأنبياءَ، وقولهم هذا، وسائرِ معاصيهم (١).

ولما كانَ أكثرُ الأعمالِ تُزاول بالأيدي، جعَلَ كل عملٍ وإن كان بالقلبِ أو اللسانِ


(١) في (د): "لمعاصيهم ".