للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسائرِ الجوارح عملاً بالأيدي، على سبيلِ التغليبِ، ولأن اليدَ مظهَرُ القدر (١) وآلةُ المباشَرةِ نسبوا الكسبَ إليها، كأنهم أرادوا كسبَ النفسِ وحدَها بلا مشاركةِ أحدٍ فيهِ.

﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾: عطف على ﴿بِمَا قَدَّمَتْ﴾؛ أي: ذلك بسببِ كسبكُم بأنفسكُم، وبأن الله عادلٌ لا يجازيكُم إلا بما كسبتُم.

وقضيةُ العدلِ: عقابُ المسيء وثوابُ المحسن، وصيغةُ المبالغة للتنبيهُ على أن شأنَهُ تعالى البلوغُ إلى الغايةِ في كلِّ وصف يتَّصفُ به، فعلى تقدير اتصافهِ بالظلمِ يلزَمُ أن يكون ظلَّاماً.

* * *

(١٨٣) - ﴿الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.

﴿الَّذِينَ قَالُوا﴾: هم كعبُ بن الأشرفِ وأضرابه (٢).

﴿إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا﴾ يعني: أمرَنا في التوراة وأوصانا.

﴿أَلَّا نُؤْمِنَ﴾: بأن لا نؤمن.

﴿لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ﴾: بهذه المعجزةِ الخاصة التي كانت لبني إسرائيلَ، وهو أن يقرِّبَ بقربانٍ، فيقوم النبيُّ فيدعُوَ، فتنزلَ نار سماويةٌ فتأكله؛ أي: تُحيله إلى طبعها بالإحراقِ.


(١) في (م): "مظهرة للقدر". وفي (ك): "مظهرة لليد"، وفي (ف): " مظهر القوة".
(٢) في (م) و (ف): " وأحزابه ". وفي "تفسير البيضاوي" (٢/ ٥٢): هم كعب بن الأشرف، وما لك وحيي وفنحاص ووهب بن يهوذا.