للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من المنعِ والإعطاءِ ﴿خَبِيرٌ﴾ فيجازيكُم، وقرئ: ﴿تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء على الالتفات (١)، وهو أبلغ في الوعيد (٢).

* * *

(١٨١) - ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾.

﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ قالتهُ اليهودُ لمَّا سمعوا: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا﴾ [البقرة: ٢٤٥]، وعيدٌ بليغٌ، وقد أكَّدَهُ بالقسَمِ في ﴿لَقَدْ﴾؛ أي: ولم يخفَ عليهِ، وأنهُ أعدَّ لهم العقابَ عليهِ.

وكذلكَ: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا﴾ كما يقولُ المهدِّدُ لمرتكب الجرائمِ إذا وقفَ منه على جريمةٍ جديدةٍ: لقد سمِعتُها، وسأكتُبها مع صواحبِها، يريدُ ما نسيتُ (٣) جرائمك أجمعها، وأُلحقُ إحداها بالأُخرى محفوظةً مكتوبةً عندي حتى أواخذك (٤) بالكلِّ.

فالكلامُ على طريقةِ الاستعارةِ التمثيلية، ومفرداتُه على حقائقها، والسينُ لتأكيدِ الإثباتِ، كما أنَّ (لن) لتأكيدِ النفي، أتى بها ليكونَ الوعيدُ على طريقِ التأكيدِ، كما في الإخبارِ بوجود السماعِ لأنَّ الجريمة عظيمةٌ، إذ هو كفرٌ بالله تعالى، واستهزاءٌ بالقرآن.


(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ﴿يَعْمَلُونَ﴾ على الغيبة، وقرأ الباقون ﴿تَعْمَلُونَ﴾ على الالتفات، انظر: "السبعة" (ص: ٢٢٠)، و"التيسير" (ص: ٩٢).
(٢) في هامش (د) و (ف): "رد لسعد الدين فيما زعمه أن في الكيفية استعارة. منه ".
(٣) في (ك): "ما السبب"، وفي (م): "ما سبب"، وفي (ف): "ما ينسبه به "، وفي (ح) قريب منه، وفي (د): "ما ينسب "، والصواب المثبت.
(٤) في (ك): "آخذك".