للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤٦) - ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾.

﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ﴾ أنصحُ لكم ﴿بِوَاحِدَةٍ﴾ بخصلةٍ واحدةٍ، إنْ فَعَلتم أَصبتم الحقَّ وتخلَّصتم، وفسَّرها بقوله:

﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ﴾ خبرُ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: هي أن تقوموا، والمرادُ: القيامُ مِن مجلسِ رسولِ اللَّه ، ولا يجوز أن يكون عطفَ بيانٍ؛ لأنَّ ﴿بِوَاحِدَةٍ﴾ نكرةٌ، و ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ﴾ معرفةٌ تقديرُه: قيامُكم للّه، والتخالُف في عطفِ البيانِ لم يذهب إليه ذاهب (١).

﴿مَثْنَى وَفُرَادَى﴾: متفرِّقين اثنينِ اثنينِ، متناظِرِين على النَّصَف (٢) دونَ


(١) في هامش (ف) و (ي): "مذهب البصريين أن يكون معرفة من معرفة ومذهب الكوفيين أن يتبع ما قبله في التعريف والتنكير".
قلت: والذي جوز عطفٌ البيان هنا هو الزمخشري، قال الآلوسي: والظاهر أن الزمخشري ذاهب إلى جواز التخالف، وقد صرّح ابن مالك في "التسهيل" بنسبة ذلك إليه، وهو من مجتهدي علماء العربية، وجوِّز أن يكون قد عبر بعطف البيان وأراد البدل لتآخيها، وهذا إمام الصناعة سِيْبَويَه يسمي التوكيد صفة وعطف البيان صفة، ثم إن كون المصدر المسبوك معرفة أو مؤوَّلًا بها دائما غير مسلم. انظر: "الكشاف" (٣/ ٥٧٩)، و"التسهيل" (ص: ١٧٥)، و"روح المعاني" (٢٢/ ١٣١). وجاء تسمية التوكيد صفة في "الكتاب" (٢/ ٣٥١ و ٣٥٩ و ٣٧٨ و ٣٧٩ و ٣٨١ و ٣٨٥ و ٣٩١)، وتسمية عطفٌ البيان صفة (٢/ ١٩٢).
قلت: وفي قول الآلوسي: (وجوِّز أن يكون قد عبر بعطف البيان وأراد البدل) نظر؛ لأن المعروف هو العكس؛ أي: كثيرًا ما يعبر عن عطفٌ البيان بالبدل، وقد يكون بالصفة كما فعل سِيْبَويَه، أما التعبير بعطف البيان فالأظهر أنه مقصود بذاته، ولعله لهذا أخره الآلوسي وساقه بصيغة المجهول.
(٢) في (ف) و (ك): "النصفة".