للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العَصَبةِ (١) والجدالِ، أو: واحدًا واحدًا متفكِّرين؛ فإنَّ الاجتماعَ والازدحامَ ممَّا يُشوِّش الخواطرَ (٢)، ويُعمِي البصائرَ، ويُهيِّج الفتنَ والتخاصُمَ.

أو: تعزموا (٣) بهذا الأمر؛ من قولهم: قامَ بالأمرِ: إذا جَدَّ فيه، ومعنى ﴿لِلَّهِ﴾: خالصًا لوجهِ اللَّه، مُعرِضًا عن المراءِ والتقليد.

﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ في أمرِه ، ومحلُّه الجرُّ على البدل أو البيان (٤)، أو الرفعُ أو النصب، بإضمار: هو، أو: أعني.

﴿مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ (ما) نافية متعلِّقة بـ ﴿تَتَفَكَّرُوا﴾؛ أي: تتفكروا فتَعلموا ما به مِن جنَّة.

ويجوزا أن يكون استئنافًا؛ تنبيهًا مِنْ اللَّه تعالى لهم على أنَّ ما عرفوا مِن رجاحةِ عقلِه كافٍ في ترجُّح (٥) صدقه، فإنَّه لا يَدَعُهُ أنْ يتصدَّى لادِّعاء مثلِ هذا الأمر العظيم الذي تحته ملكُ الدنيا والآخرة مِن غير تحقُّقٍ بيقين، وتعرُّفٍ ببرهانٍ مبين، فيُفْتضَحَ على رؤوس الأشهاد، ويُلقيَ نفسَه في معرض الهلاك، كيف وقد انضمَّ إليه آياتٌ باهرةٌ ومعجزاتٌ قاهرةٌ.

ويجوز أن تكون استفهاميَّةً؛ أي: ثم تتفكَّروا في أحوالِه وأقوالِه وأفعالِه، هل فيه ما يتهمه ويدلُّ على أنَّ به جِنَّةً؟!


(١) في (ع): "القصّية"، وفي (ي): "القصبة".
(٢) في (ك): "الخاطر".
(٣) في (ف) و (ك): "تقوموا".
(٤) في (م) و (ي): "على البيان أو البيان"، وفي (ف) و (ك): "على البيان"، والمثبت من (ع)، وهو الموافق لما في البيضاوي.
(٥) في (ف) و (ك): "ترجيح".