للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ [الزخرف: ٢١] ثم هدَّدهم بقوله:

* * *

(٤٥) - ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾.

﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ كما كذَّبوا ﴿وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ﴾ وما بلغَ هؤلاء عُشْرَ ما آتينا (١) أولئك مِن القوَّة والقدر، وطولِ الأعمار، وعِظَمِ الأجرامِ، وكثرةِ الأموال.

وقيل: معنى المعشار: عُشْرُ العُشْرِ.

﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ فحين كذَّبوا رُسُلي (٢) جاءهم إنكاري، فكيف كان حالهم في التدمير والاستئصال، حيث لم يُغنِ عنهم استظهارُهم بما هم به مستظهِرونَ، فما بالُ هؤلاء.

ويجوز أن يكون المعنى: وما بَلَغَ أولئك عُشْرَ ما آتينا هؤلاء مِن البيِّنات والهدى، فكذَّبوا رسلي فاستؤصلوا مع أنَّ الحججَ والبيِّنات لم تتكرَّر عليهم كما تكرَّرت على هؤلاء، فكيف كان حالهم في إنكاري، فكيف يكون حالُ هؤلاء مع تكرُّر البيِّنات وتكثُّرها، فليعتبروا بحالهم وليَحْذَروا مِن مثلها.

﴿فَكَذَّبُوا﴾ عطفٌ على ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ﴾ عطفَ المقيَّدِ على المُطلَق بالفاء السببية؛ أي: فعلوا التكذيبَ وأَقدموا عليه حتَّى تعوَّدوا به، فصار سببًا لتكذيب رُسُلي، ويجوز أن يعطف على ﴿مَا بَلَغُوا﴾ كقولك: ما بَلَغَ زيدٌ معشارَ فَضْلِ عمرٍو فيُفضَّلَ عمرٌو عليه.


(١) في النسخ عدا (ف): "آتيناهم".
(٢) في (ف) و (م): (رسلهم).