للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَالطَّيْرِ﴾ لو كان فيها جنسٌ آخر لذكره هنا.

﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾: يُمْنَعون عن التَّفرُّقِ والانتشار حتى يجتمعوا في مسيرهم، وذلك أحسنُ في الهيئةِ وأهيبُ في الرُّؤيةِ.

* * *

(١٨) - ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.

﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا﴾ ضمَّنَ ﴿يُوزَعُونَ﴾ معنى فعلٍ يصلحُ أن تكون (حتى) غايةً له؛ أي: فهُم يسيرون لُفُوفًا (١)، لا يفارق بعضهم بعضًا.

﴿عَلَى وَادِ النَّمْلِ﴾ هو وادٍ بالشَّام كثيرُ النَّمل، وعُدِّي ﴿أَتَوْا﴾ بـ ﴿عَلَى﴾ إمَّا لأنَّ إتيانهم كان مِن فوق، أو لأنَّه أريد معنى قطع الوادي وبلوغِ آخره.


= عليهم الصلاة والسلام شرف؛ لأنَّه في الحقيقة لله الذي سخر كل شيء). قلت: وقد ذكر الآلوسي من الحكمة في ذلك ما هو أنسب بالمقام وأقرب إلى الأفهام فقال: (وتقديم الجن للمسارعة إلى الإيذان بكمال قوة ملكه وعزة سلطانه من أول الأمر؛ لِمَا أن الجن طائفة عاتية وقبيلة طاغية ماردة بعيدة من الحشر والتسخير. ولم يقدم الطير على الإنس مع أن تسخيرها أشق أيضًا وأدلُّ على قوة الملك وعزة السلطان لئلا يُفصل بين الجن والإنس المتقابلين والمشتركين في كثير من الأحكام). وما أحسن هذا الكلام، وقد دار بخلدي قبل أن أراه عند الآلوسي، فكفاني اللّه به مؤونة التعبير عنه.
(١) في النسخ: "ملفوفًا"، وفي هامش (م): "لعلها لفوفًا". قلت: وهي الصواب، واللُّفوف: جمع لِفٍّ بكسر اللام، وهو القوم المجتمعون، والصنف من الناس، والحزب. انظر: "القاموس" (مادة: لفف).