للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾ النُّطقُ والمَنْطِقُ في المتعارَف: الأصواتُ المقطعة التي يُظْهِرُها اللِّسانُ وتَعيها الآذانُ، ولا يُقالُ لغير الإنسان إلَّا على سبيلِ التَّبعِ؛ نحو: النَّاطق والصَّامت، لِمَا له صوتٌ ولما لا صوتَ له.

﴿وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ المرادُ به: كثرةُ ما أوتي، كما يُقال: فلانٌ يعلمُ كلَّ شيءٍ، ويعضدُه كلُّ أحدٍ.

والضَّمير في ﴿عُلِّمْنَا﴾ و ﴿وَأُوتِينَا﴾ له ولأبيه، أو له وحدَه، وهذه النُّونُ نونُ الواحدِ المُطاعِ، فكانَ مَلِكًا مُطاعًا يكلِّم (١) أهلَ طاعته (٢) على صفته وحاله التي كان عليها.

﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ قولٌ واردٌ على سبيلِ الشُّكرِ، كقوله : "أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ ولا فخرَ" (٣)؛ أي: أقولُ هذا القولَ شكرًا ولا أقولُه (٤) فخرًا.

* * *

(١٧) - ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾.

﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ﴾؛ أي: جُمِعَ مِن جهاتٍ مختلفةٍ.

﴿جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ قدَّم الجنَّ على الإنس لأنَّ مقامَ التَّسخيرِ لا يخلو مِن نوعِ تحقيرٍ (٥).


(١) في (ع) و (ك) و (م): "فكلم "، وفي (ي): "فكلمه "، والمثبت من (ف).
(٢) في (ف) و (ك) زيادة: "على إطاعته ".
(٣) رواه الترمذي (٣٦١٥) وصححه من حديث أبي سعيد ، وهو في "صحيح البخاري" (٤٧١٢)، و"صحيح مسلم" (٢٢٧٨)، من حديث أبي هريرة دون قوله: "ولا فخر".
(٤) في (ك): " أقول ".
(٥) كذا قال، وقد تعقبه الشهاب الخفاجي والآلوسي بالقول: (ليس بشيء؛ لأنّ التسخير للأنبياء =