للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يؤْتَ مثلَ علمها، دلَّ على ذلك تقييدُهم بالإيمان، فإنَّ المؤمن لا يخلو عن علمٍ، وفيه إخراجٌ للكفَّار عن حيِّزِ الاعتبار، وتعظيمٌ لنعمة التَّفضيل بتوصيف المفضَّل عليه بوصفٍ جليل، ودليل على فضلِ العلمِ وشرفِ أهلِه، حيثُ شَكرَا على العلمِ وجعلاه أساسَ الفضلِ، ولم يعتبرا دونه ممَّا (١) أُوتِيا مِن الملك الذي لم يؤتَ غيرَهما، وتحريضٌ للعالِمِ على أنْ يحمدَ اللهَ تعالى على ما أتاه مِن فضلِهِ، وأنْ يتواضَعَ ويعتقدَ أنَّه وإنْ فُضِّلَ على كثيرٍ فقد فُضِّلَ عليه كثيرٌ، أو تساويا.

* * *

(١٦) - ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾.

﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾ النُّبوَّةَ والملكَ، بأنْ قامَ مقامَه في ذلك بعدَ موتِه (٢)، ولهذا قال: ﴿وَوَرِثَ﴾ فإنَّ حقيقةَ الميراثِ: انتقالُ التَّركةِ مِن مِلْكٍ إلى مِلْكٍ.

والتركةُ: ما بقيَ بعدَ الموتِ، واستُعير هاهنا لِما ذكر.

وأمَّا العلم (٣) فقد شاركَ أباه فيه، بل ترجَّح (٤) عليه حالَ حياته على ما أفصحَ عنه قوله تعالى: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ (٥) [الأنبياء: ٧٩].

﴿وَقَالَ﴾ تشهيرًا لنعمة الله تعالى، واعترافًا بمكانها، ودعاة للنَّاس بذكرِ المعجزةِ التي هي عِلْمُ منطقِ الطَّير وغير ذلك مِن عظائمِ ما أوتيه.


(١) في (ك): "ما".
(٢) "بعد موته" سقط من (ك).
(٣) في (م): "ذكروا من العلم" بدل "ذكر. وأما العلم ".
(٤) في (ف): "يترجح".
(٥) "سليمان": ليست في (ك) و (م) و (ي) و (ع).