للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ استفهامُ تقرير، ولهذا رُفع:

﴿فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ عطفًا على ﴿أَنْزَلَ﴾؛ إذ لو نصب جوابًا له (١) لدلَّ على نفيِ الاخضرار، كما في قولِكَ: ألم تر أني أنعمْتُ عليكَ فتشكرُ (٢)، والمقصود إثباته، والرفع لعطفه على ﴿أَنْزَلَ﴾، وتسبُّبه منه مثبتٌ البتَّة، كذلك في المثال؛ لأنَّه عطف على (أنعمتُ)، وأما النَّصب فلا وجه له إلَّا التَّسبُّب عن الاستفهام، وَيؤُول المعنى في المثال إلى: ما رأيْتَ فما شكرْتَ؛ أي: لو رأيْتَ لشكرْتَ، وكذلك في الآية.

على أنَّ فيها مانعًا آخر، وهو أنَّ إصباحَ الأرضِ مخضرَّة لا يصحُّ أنْ يتسبَّب عمَّا بعد الاستفهام، وإنما عدل عن الماضي ولم يقل: (أصبحَتْ) لاستحضار الحال الماضية، والتَّنبيه على كمال صنع الصَّانع بالمشاهدة، والدِّلالة على بقاء أثر المطر زمانًا بعد زمان.

وقرئ: (مَخْضَرَة) (٣) على وزن: مَفْعَلَة؛ أي: ذاتَ خضرةٍ، كمَبْقَلَة ومَسْبَعَة (٤).

﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ﴾ واصلٌ فضلُه وعلمُه إلى كلِّ شيءٍ.

﴿خَبِيرٌ﴾ بمصالح الخلق ومنافعهم.

* * *


(١) "له "سقط من (ف) و (ك).
(٢) إن نصبته فأنت نافي لشكره شاكٍ تفريطَه فيه، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر. انظر: "الكشاف" (٣/ ١٦٨).
(٣) انظر: "الكشاف" (٣/ ١٦٨).
(٤) في (ف) و (ك): "كمبقلة ومسغبة"، وفي (م): "كمقبلة ومسبغة"، والمثبت من (س). وانظر: "البحر المحيط" (١٥/ ٣٩٨).