للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ الرِّزْقُ الحسنُ: الذي لا يلحقه ألمُ الانقطاع، ولا يسبقه تعبُ الكَسْبِ، وذلك في البرزخ قبلَ دخول الجنَّة؛ لأنَّ الرِّزقَ الحسنَ في الجنَّة لا اختصاص له بالمجاهدين من المؤمنين، وإنَّما سوَّى بينَ مَن قُتِلَ في الجهاد ومَن ماتَ حَتْفَ أنفه في الموعد؛ لاستوائِهما في القَصْدِ، وما في وسعهما من العمل.

﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ فإنَّه يرزق بغير حساب.

* * *

(٥٩) - ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾.

﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ﴾ الجنّة، دلَّ هذا على أنَّ ما تقدَّم من التَّرزيق قبل دخولها.

بَدلٌ من قوله: ﴿لَيَرْزُقَنَّهُمُ﴾، و ﴿يَرْضَوْنَهُ﴾ صفة المُدْخَل، وهذا وصف لها بكلِّ جميل؛ لأنَّ ما وقع (١) موقعَ الرِّضى فقد كَمَلَ.

﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ بأحوال مَنْ قضى نحبَه مجاهدًا، وآمالِ مَن مات (٢) وهو ينتظر مُعاهِدًا ﴿حَلِيمٌ﴾ إمهال مَن قاتلهم معاندًا.

رُوِيَ أنَّ طوائفَ مِنْ أصحاب رسولِ الله قالوا: يا نبيَّ الله، هؤلاء الذين قُتِلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير، ونحن نجاهد معك كما جاهدوا، فما لنا إن متنا (٣) معك؛ فأنزل الله تعالى هاتين الآيتَيْنِ (٤).


(١) في (ف): "يقع".
(٢) في (ك): "يمت".
(٣) في (ك): "قبضنا".
(٤) انظر: "الكشاف" (٣/ ١٦٧).