للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٦٠) - ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾.

﴿ذَلِكَ﴾ للفصل بين الكلامين؛ أي (١): الأمرُ ذلك، فما بعده مستأنف.

﴿وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ﴾؛ أي: لم يزد في القَصاص، وإنَّما سُمِّيَت الجناية المبتدأة باسم جزائها الذي هو العقاب؛ لِمَا بينَ السَّبب والمسبَّب من الملابسَةِ، فأُطلقَ اسمُ المسبَّب على السبب مجازًا، أو للازدواج، وليُتصوَّر سرعة أداء السَّبب إليه.

﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ﴾ بالمعاودة إلى العقوبة ﴿لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾؛ أي: مَن جازى بمثلِ ما فُعِلَ به من الظُّلم ثمَّ ظُلِمَ بعد ذلك فحقٌّ على الله أن ينصرَه.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ﴾: يمحو آثارَ الذُّنوبِ ﴿غَفُورٌ﴾: يسترُ أنواعَ العيوب.

وإنَّما وعدَ المنتصِر بهما لأنَّه اتَّبع هواه في الانتقام، وأعرضَ عمَّا نَدب الله إليه بقوله: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: ٤٠] ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣].

وفيه تعريضٌ بالحثِّ على العفو، فإنَّ الله تعالى مع كمالِ قدرتِه وتعالي شأنِه لَمَّا كانَ يعفو فغيرُه بذلك أولى.

وتنبيهٌ على أنَّه قادرٌ على العقوبةِ؛ إذ لا يُوصَفُ بالغفور إلَّا القادر على ضدِّه.

* * *


(١) في (ف): "أن".