للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾؛ أي: يُثْبِتُها ويحفظُها عن تطرُّق النُّقصان، ولحوق الزَيادة من الشَّيطان.

ولَمَّا كان الإحكام بهذا الوجه على رتبةٍ من النَّسخ المذكور صدَّره بكلمة ﴿ثُمَّ﴾.

ولا احتمال لأنْ يكون هذا الكلام ونظائرُه كقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] أيضًا من زيادة الشَّيطان؛ لأنَّ ظهور الإعجاز عند انضمامه إلى ما يَبلغ به المجموع مقدار أقصر سورة من القرآن دلَّ على أنَّه من الرَّحمن؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ﴾ الآية [الإسراء: ٨٨]، فلا دلالة في الآية على جواز السَّهو على الأنبياء وتطرُّقِ الوسوسة إليهم.

﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما أوحى إلى نبيِّه وبقصَّة الشَّيطان.

﴿حَكِيمٌ﴾ يدعُه حتى يُكْشَفَ ويزيله، ثم ذكر أن ذلك ليفتنَ اللهُ تعالى به قومًا بقوله:

* * *

(٥٣) - ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾.

﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً﴾: محنةً وابتلاءً.

﴿لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾: شكٌّ وتردُّد.

﴿وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ الجازمين بمعتقدهم الباطل، مُظهَرًا كان ذلك أو مضمرًا، ومن زعم أن المراد من الأوَّل المنافق فكأَنَّه غافل عن أنَّ المنافق أقسى قلبًا من الكافر المجاهر.