﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾؛ أي: يُثْبِتُها ويحفظُها عن تطرُّق النُّقصان، ولحوق الزَيادة من الشَّيطان.
ولَمَّا كان الإحكام بهذا الوجه على رتبةٍ من النَّسخ المذكور صدَّره بكلمة ﴿ثُمَّ﴾.
ولا احتمال لأنْ يكون هذا الكلام ونظائرُه كقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] أيضًا من زيادة الشَّيطان؛ لأنَّ ظهور الإعجاز عند انضمامه إلى ما يَبلغ به المجموع مقدار أقصر سورة من القرآن دلَّ على أنَّه من الرَّحمن؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ﴾ الآية [الإسراء: ٨٨]، فلا دلالة في الآية على جواز السَّهو على الأنبياء ﵈ وتطرُّقِ الوسوسة إليهم.
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما أوحى إلى نبيِّه ﵇ وبقصَّة الشَّيطان.
﴿حَكِيمٌ﴾ يدعُه حتى يُكْشَفَ ويزيله، ثم ذكر أن ذلك ليفتنَ اللهُ تعالى به قومًا بقوله:
﴿وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ الجازمين بمعتقدهم الباطل، مُظهَرًا كان ذلك أو مضمرًا، ومن زعم أن المراد من الأوَّل المنافق فكأَنَّه غافل عن أنَّ المنافق أقسى قلبًا من الكافر المجاهر.