للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اعتقادهم بالنَّسخ وتيقَّنوا أنَّه مقتضَى حكمته، وعلموا أنَّ النَّاسخ هو الذي فيه صلاح الحال دون المنسوخ، ثبتَتْ أقدامهم ورسخَتْ عقائدهم واطمأنَّتْ قلوبُهم.

﴿وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ المنقادين لحكمه، وهما مفعولٌ لهما معطوفان على محلِّ ﴿لِيُثَبِّتَ﴾؛ أي: تثبيتاً لهم وإرشادًا وبشارةً.

وفيه تعريضٌ بحصول أضداد هذه الخِصَال لمن سواهم من الكفَّار.

* * *

(١٠٣) - ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾.

﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَر﴾ أرادوا جبرًا (١) الرُّوميَّ، وقيل: جبرًا وسمارًا (٢).

﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ﴾ لغةُ الرَّجل الذي يُميْلون قولهم عن الاستقامة إليه، يقال: لَحَد وأَلحد: إذا مال عن القصد، ومنه: اللَّحد (٣).

﴿أَعْجَمِيٌّ﴾ غيرُ بَيِّنٍ ﴿وَهَذَا﴾؛ أي: هذا القرآن ﴿لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾: ذو بيانٍ وفصاحةٍ.

والجملتان مستأنفتان، رَدٌّ لقولهم، وإبطال لطعنهم، وتقريرُه: أنَّ القرآنَ معجِزٌ


(١) في (ف) و (م): "جبر".
(٢) عبدان نصرانيان كانا يصنعان السيوف بمكة، وكانا يقرأ أن الإنجيل. روى القصة بذلك الطبري في "التفسير" (١٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨)، والبيهقي في "الشعب" (١٣٨)، عن عبد الله بن مسلم الحضرمي.
(٣) في هامش (م): "رد البيضاوي، فيه رد لمن قال: إنه مأخوذ من لحد القبر. منه ".