تعظيمًا للعلم، وتنبيهًا على أنَّ المقصود من خلق ابن آدم - بل من إيجاد العالم - هو العلمُ، على ما عُلم من قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]؛ أي: ليَعْرِفون، ومن قوله ﵇:"كنت كنزًا مخفيًّا فأحببْتُ أنْ أُعْرَفَ … " الحديث (١).
﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ﴾: جمع طائر ﴿مُسَخَّرَاتٍ﴾: مُذلَّلاتٍ للطَّيران بما خُلِقَ لها من الأجنحة وهُيِّئ لها من الأسباب الموافقة لذلك.
﴿فِي جَوِّ السَّمَاءِ﴾: في الهواء المرتفع من الأرض. وفي إضافته إلى ﴿السَّمَاءِ﴾ إظهارٌ لجهةِ لطافته تقويةً لمعنى التَّسخير.
﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ﴾ فيه ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾ فإنَّ ثقِلَ أجسادها يقتضي السُّقوط، ولا علاقة فوقها، ولا دعامة تحتها تمسكها، فلا مُمْسِكَ إلَّا الله تعالى بقدرته.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾ تسخير الطَّير للطيران بأنْ خلقها خلقةً يمكِن معها الطَّيران، وخلق الجوَّ بحيث يمكِن الطَّيران فيها، وإمساكها مع ما فيها من الثِّقَل في الهواء مع غاية لطافته على خلاف طبعها.
﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ خصَّهم بتلك الآيات لأنَّهم هم المنتفِعون بها.
(١) قال الزركشي في "اللآلئ المنثورة" (ص: ١٣٦): قال بعض الحفاظ: ليس هذا من كلام النبي ﷺ ولا يعرف له إسناد صحيح ولا ضعيف.