للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا يكون العدول عن الضمير في قوله: ﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ﴾؛ أي: أمرُ قيامها في سرعة وقوعه، إلى الاسم الظَّاهر لِمَا فيه من التَّقوية للخبر.

﴿إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ﴾: إلَّا كرَجْع (١) الطَّرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها، تمثيلٌ لأمرٍ آنيِّ الوقوع غير زمانيٍّ بأقلِّ ما يمكن (٢) أن يدرَك من الزَّمان، ولهذا قال:

﴿أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾؛ أي: أسرع وأقصر زمانًا بأنْ يكون في مقدار نصف تلك الحركة؛ أو (٣) في آنِ ابتداء تلك الحركة؛ لأنَّ اللهَ تعالى يُحيي الخلائقَ دفعةً واحدةً، وما هو دفعيُّ الوجود يكون حدوثه في آنٍ، و ﴿أَوْ﴾ بمعنى: بل.

﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ يقدر على أن يُقيم السَّاعة ويبعث الخلق في أسرع وقتٍ، كما قدر على إحيائهم متدرِّجًا.

(٧٨) - ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

ثمَّ دلَّ على قدرته فقال: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ بيانٌ لعجزنا في الابتداء، يعني: لم تكونوا قادرين بأنفسكم على الخروج فأنا أخرجتكم، كما أنَّ قوله:

﴿لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ بيان لجهلنا فيه في موضع الحال؛ أي: غيرَ عالمين.

وفيه دلالة على أنَّ الحركةَ للجنين غيرُ إراديَّةٍ.


(١) في (م): "كرجوع".
(٢) "يمكن" من (م).
(٣) في (ف): "أي".