للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى، ويكون معنى التَّعليل: إنَّ اللهَ وحدَه يعلم كيف يضرب المثل له وأنتم لا تعلمون ذلك، وكأنه أريد المبالغةُ في أن لا يُلحِدوا في أسمائه تعالى وصفاته، فإنه إذا لم يجز ضرب المثل، والاستعارات يكفي فيها شَبَهٌ مّا، والإطلاق لتلك العلاقة كافٍ (١)، فعدمُ جواز إطلاق الأسماء من غير سبقِ تعليم منه تعالى وإثبات الصِّفات أولى وأولى، ثمَّ علَّمهم كيف يُضرب، فضرب مثلًا لنفسه ولمن عُبد دونه فقال:

(٧٥) - ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٧٥)﴾.

﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ﴾ ﴿عَبْدًا﴾ بدل من ﴿مَثَلًا﴾.

﴿وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا﴾ (مَن) موصوفةٌ عُطفت على ﴿عَبْدًا﴾، أو موصولة.

﴿فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا﴾ مثَّل ما أُشرك به بالمملوك العاجز عن التَّصرف مطلقًا، ومثَّل ذاته تعالى بالحرِّ الذي رزَقه الله مالًا كثيرًا، فهو يتصرَّف فيه وينفق منه كيف يشاء.

وقيَّد العبد بالمملوك ليمتاز عن الحرِّ؛ فإنَّ العبد قد يطلق على الحرِّ باعتبار أنَّه عبد الله تعالى، وبقوله: ﴿لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ﴾ ليخرج عنه المكاتَب والمأذون، فإنَّهما يقدران على شيء (٢).


(١) في النسخ: "والاستعارة يكفي فيه شبهٌ ما، والإطلاق بتلك العلامة كافٍ"، والمثبت من "روح المعاني" (١٤/ ٢٢١)، والكلام منقول من "الكشف" كما صرح الآلوسي.
(٢) في (م) زيادة: "فكأنه قيل ولا تشركوا بالله شيئًا".