للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قُدِّرَ المفعول لدلالة القرينة - وهي مفعول ﴿يَمْلِكُ﴾ - عليه، فالمرادُ بالجمع بين نفي الاستطاعة والملك جميعًا التَّوكيدُ أو نفي الوقوع وإمكانهِ؛ أي: لا يملكون الرِّزق ولا يمكنهم أن يملكوه.

ويجوز أنْ يكون الضَّمير للكفَّار؛ أي: ولا يستطيع هؤلاء الكفرة مع أنَّهم أحياء متصرِّفون عقلًا شيئًا من الرِّزق، فكيف بالجماد الذي لا حراك به ولا حِسَّ؟

(٧٤) - ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ نهيٌ عن الإشراك بالله في التَّشبيه على طريقة التَّمثيل؛ لأنَّ مَن يضربِ المَثَلَ شبَّهَ حالًا بحال وقصَّةً بقصَّة (١)، فجعل ضرب المثل مثلًا للإشراك والتَّشبيه، فكأنَّه قيل: ولا تشركوا بالله، وعدل إلى المُنزَل دلالة على التَّعميم في النَّهي عن التَّشبيه وصفًا وذاتًا.

وفي لفظ ﴿الْأَمْثَالَ﴾ لمن لا مثال له أصلًا نعيٌ عظيمٌ على سوء فعلهم، وفيه إدماجُ أنَّ الأسماء توقيفيَّة، وهذا هو الظَّاهر؛ لدلالة الفاء، وعدم ذكر ضرب المثل منهم سابقًا.

﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ﴾ تعليلٌ للنَّهي عن الشِّرك ووعيا عليه؛ أي: إنَّ الله يعلم قبح ما تفعلون وكُنْهَه وعظمه، فهو معاقبُكم عليه بما يوازيه في العظم.

﴿وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ كُنْهَ ذلك وكُنْهَ عقابه، فلذلك اجترأتم عليه.

ويجوز أن يراد بقوله: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا﴾ إلخ ظاهرُه، وهو النَّهي عن ضرب الأمثال لله


(١) في النسخ: "حالًا بحال قصة بقصة"، والمثبت من "الكشاف" (٢/ ٦٢٢)، ولفظه: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾: تمثيل للإشراك بالله والتشبيه به؛ لأنَّ مَن يضرب الأمثال مشبِّه حالًا بحال وقصةً بقصة).