للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا﴾: بأنِ اتَّخذي، ويجوز أن تكون ﴿أنْ﴾ مفسِّرة؛ لأن في الإيحاء معنى القول، وتأنيث الضَّمير لأنَّ النَّحل جمعُ نحلةٍ.

﴿وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾: ما يعرشُ النَّاس ويرفعونه من سقوف البيت، وإنَّما ذُكِرَ بحرف التَّبعيض؛ لأنها لا تتَّخذ في كلِّ جبلٍ وكلِّ شجرٍ وكلِّ ما يعرشون، ولا في كلِّ مكانٍ منها.

وليس المراد من بيتها: ما تبنيه لتُعسِّلَ فيه - كما توهَّمه مَنْ قال: وإنَّما سُمِّيَ ما تبنيه لتُعسِّل فيه (١) بيتًا تشبيهًا بالذي بناه الإنسان؛ لما فيه من حُسْنِ الصَّنعةِ وصحَّة القسمة، التي لا يَقوَى عليها حُذَّاق المهندسين إلَّا بآلات رفيعة وأنظار دقيقة، ولعلَّ (٢) ذكره للتَّنبيه على ذلك - بل ما تتَّخذه (٣) في الجبال وكُواها وفي متجوّف الأشجار وفيما يَعْرِش ابن آدم من السُّقوف.

(٦٩) - ﴿ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

﴿ثُمَّ كُلِي﴾ فيه إرشادٌ إلى العمل، فإنَّها تسوِّي البيوت أوَّلًا، ثم تأخذ في الجَرْس للعسل.


(١) "فيه" من (م). وقوله: "لتعسِّل فيه"؛ أي: لتضع العسل فيه، وهو تفعيل من العسل. انظر: "حاشية الشهاب" (٥/ ٣٤٨).
(٢) في (ك) و (م): "ولعله"، والمثبت من (ف)، وهو الموافق لما في "تفسير البيضاوي" (٣/ ٢٣٣).
(٣) في (ف): "تتخذ".