للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنَّما قال: ﴿مِنْهُ﴾ لأنَّ منه ما لا يُؤكَل لا محالة.

والسَّكَرُ: مصدر سمِّي به الخمر، وقيل: السَّكَرُ النَّبيذُ.

﴿وَرِزْقًا حَسَنًا﴾ كالتَّمر والزَّبيب والدِّبس والخلِّ (١) ونحوها، وفي عطفه على ﴿سَكَرًا﴾ تعريضٌ بكراهة الخمر، وأنَّه ليس بحسَنٍ (٢)، ورمزًا إلى أن السكر وإن كان مباحًا فهو مما يَحسُن اجتنابه، وهذا على ما قالوا: إن الآية نازلة قبل تحريم الخمر.

قيل: لمَّا ميّز السكر من الرزق الحسن قال أكثر الصحابة : لو كان فيها خيرًا لم تميز عن الرزق الحسن، فامتنعوا عن شربها، ونزولُ الآية قبل تحريمها لا ينافي كونَها جامعةً بين العتاب والمنَّة، فإن المنافيَ لإباحتها هو العتاب في الآخرة لا العتاب (٣) في الدُّنيا الذي مرجعُه النَّهي الإرشادي.

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾: يستعملون عقولهم بالنَّظر والتَّأمُّل في الآيات.

ولَمَّا قال في بدء الكلام: ﴿لَعِبْرَةً﴾ ناسبَ ختمه بـ ﴿يَعْقِلُونَ﴾ لأنَّه لا يَعتَبِرُ إلَّا ذوو العقول.

(٦٨) - ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾.

﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ الإيحاء إلى النَّحل: إلهامُها وإيداعها، دلَّ عليه حذاقتُها في صنعتها، وتدبيرِ أمرها، وترتيبِ مراتب عَمَلتها.


(١) في (م): "والنخل".
(٢) في (ف): "يحسن".
(٣) "والمنة فإن المنافي لإباحتها هو العتاب في الآخرة لا العتاب" سقط في (م).